باب ذكر خلافة القاهر بالله
لما قتل وانحدر المقتدر رأى رأس مؤنس ، قال : إن قتلتموه والله لنقتلن [ ص: 306 ] كلنا فأقل الأشياء أن تظهروا أن ذلك جرى عن غير قصد وأن تنصبوا في الخلافة ابنه المقتدر أبا العباس ، فإنه إذا جلس في الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة بإخراج الأموال ، فغيروا رأيه وعدلوا به إلى المقتدر محمد بن المعتضد ، فأحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة ، وحلف لهم ، وبايعه من حضر من القضاة والقواد ، ولقب ، وذلك في سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال . القاهر بالله
ويكنى القاهر بالله أبا منصور ، وأمه مولدة يقال لها : قبول ، توفيت قبل خلافته ، ولد لخمس خلون من جمادى الأولى من سنة سبع وثمانين ومائتين ، ولما استخلف نقش على سكة العين والورق "محمد رسول الله ، القاهر بالله ، المنتقم من أعداء الله لدين الله" .
وكان رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، أسمر معتدل الجسم ، أصهب الشعر ، طويل الأنف ، في مقدم لحيته طول لم يشب إلى أن خلع ، وزر له أبو علي بن مقلة ، وأبو جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ، وأبو العباس بن الخصيب ، وحجبه علي بن يلبق ، وما زال باحثا عن مواضع المستترين من ولد القاهر بالله وأمهات أولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر ، وطلب المال منها على ما سنذكره إن شاء الله تعالى . المقتدر