[ذكر يوشع بن نون  عليه السلام]  
وهو يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب .  
وقد ذكر أن الله تعالى جعل يوشع  نبيا في زمن موسى ،  فلما توفي موسى  ابتعثه الله تعالى ، فأقام لبني إسرائيل أحكام التوراة ، وهو الذي قسم الشام  بين بني إسرائيل ، وهو الذي أخرج الله له نهر الأردن ،  وأمره الله تعالى بالمسير إلى أريحا  لحرب من فيها من الجبارين ، وهي التي امتنع بنو إسرائيل من دخولها فعوقبوا بالتيه . ومات موسى  وهارون  في التيه ، ومات الكل سوى يوشع  وكالب .  
وإنما دخل يوشع  بأبنائهم ، فقاتل الجبارين فهزمهم ، واقتحم أصحابه عليهم يقتلونهم ، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها ، وكان القتال يوم الجمعة ، حتى إذا أمسوا وقاربت الشمس الغروب خافوا من دخول السبت ، فقال يوشع:  اللهم احبس الشمس ، فوقفت بينها وبين الغروب قيد رمح ، فثبتت مقدار ساعة حتى افتتحها وقتل أعداءه وهدم أريحاء ومدائن الملوك ، وجمع غنائمهم ، وأمرهم يوشع  أن يقربوا الغنيمة فقربوها فلم تنزل النار لأكلها ، فقال يوشع  لهم: فبايعوني . 
أخبرنا هبة الله بن محمد ،  قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي ،  قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ،  قال: حدثنا  عبد الله بن أحمد ،  قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا  عبد الرزاق ،  قال: حدثنا  معمر ،  عن  همام بن منبه ،  قال: حدثنا  أبو هريرة ،  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  "غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن ، ولا آخر قد بنى بيوتا ولم يرفع سقفها ، ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها ، فغزا ، فدنا إلى القرية حتى صلى العصر أو قريبا من ذلك . فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي فحبست عليه حتى فتح الله عليه ، فجمعوا ما غنموا ، فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعمه ، فقال: فيكم غلول [ ص: 378 ] فليبايعني من كل قبيلة رجل ، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده ، فقال: فيكم الغلول ، أنتم غللتم . فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب . قال: فوضعوه بالمال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته . فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ، ذلك بأن الله عز وجل رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا" أخرجاه في الصحيحين . 
ويوشع  هذا هو الذي حارب العماليق وعليهم السميدع بن هوبر  فالتقوا بأيلة  فقتل السميدع  وأكثر العماليق ، وقد ذكرنا أن موسى  حارب الجبارين ، والله أعلم . 
أنبأنا أحمد بن علي المجلي ،  قال: أخبرنا  أبو بكر الخطيب ،  قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران ،  قال: أخبرنا  ابن صفوان ،  قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي ،  قال: حدثني محمد بن الحسين ،  قال: حدثني محمد بن بسطام ،  قال: حدثنا جعفر بن سليمان ،  قال: حدثني إبراهيم بن عمرو الصنعاني ،  قال: أوحى الله عز وجل إلى يوشع بن نون:  إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم ، وستين ألفا من شرارهم . قال: يا رب فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبي ، وكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم . 
وزعم هشام بن محمد الكلبي:  أن بقية بقيت من الكنعانيين بعد قتل يوشع  من قتل منهم ، وأن إفريقيش بن قيس بن صيفي بن سبأ بن كعب  مر بهم متوجها إلى إفريقية ،  فاحتلها وقتل ملوكها وأسكنها البقية التي بقيت من الكنعانيين ، فهم البرابرة ، وإنما سموا بربرا لأن إفريقيش  قال لهم: ما أكثر بربرتكم ، فسموا لذلك بربرا . 
فقالوا: ونهض يوشع  إلى بعض الملوك فقاتله فغلبه وصلبه على خشبة وأحرق المدينة ، وقتل من أهلها اثني عشر ألفا . 
واحتال أهل بلد آخر حتى جعل لهم أمانا فظهر على باطنهم ، فدعا الله عليهم أن  [ ص: 379 ] يكونوا حطابين وسقاءين ، فكانوا كذلك . وهرب خمسة من الملوك فاختفوا في غار ، فأمر يوشع بسد باب الغار حتى فرغ من أعدائه ، ثم أخرجهم فقتلهم وصلبهم . 
وتتبع سائر الملوك واستباح منهم واحدا وثلاثين ملكا ، وقسم الأرض التي غلب عليها . 
ثم مات يوشع  عليه السلام ، وكان عمره مائة سنة وعشر سنين ، وقيل: مائة وعشرين سنة . ودفن في جبل إفراييم ،  وكان تدبيره أمر بني إسرائيل بعد أن توفي موسى  إلى أن توفي هو سبعا وعشرين سنة ، وذلك كله من زمان منوشهر  عشرين سنة ، ومن زمان أفراسياب  سبع سنين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					