باب إسماعيل صلوات الله عليه وسلامه ذكر
إسماعيل أكبر بنيه ، ولد له وهو ابن تسعين سنة ، وولد إسحاق بعده بثلاثين سنة ، وقد ذكرنا أن سارة وهبت هاجر لإبراهيم ، وأنه ولد له منها إسماعيل ، وأن الخليل هاجر به وبأمه إلى مكة وأنه زوج إسماعيل امرأة من جرهم ، ثم أخرى .
قال ولد ابن إسحاق: لإسماعيل اثنا عشر ولدا ، منهم: نابت ، وقيدر ، ويقال قيذار ، الذي نشر الله منه العرب ، ويقال: بل العرب من نابت ومن قيدر . وقيل: سميت العرب العاربة؛ لأن إسماعيل نشأ بعربة وهي من تهامة . وقيل: بل لأن يعرب بن قحطان ، وهو أبو أول من نطق بلسان العرب اليمن فهم العرب العاربة .
واتخذ الله إسماعيل نبيا بعد إبراهيم ، وبعث إلى العماليق وجرهم وقبائل اليمن ، فنهاهم عن عبادة الأوثان ، فآمنت له طائفة منهم وكفر الأكثرون .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أخبرنا ابن حيويه ، أحمد بن معروف ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا محمد بن عمر ، قال: حدثني أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال: لما بلغ إسماعيل عشرين سنة توفيت هاجر وهي بنت تسعين سنة فدفنها إسماعيل في الحجر .
[ ص: 305 ]
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس ، أخبرنا أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص ، أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن إسماعيل بن داود الطوسي ، حدثنا قال: حدثني الزبير بن بكار ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، الربيع بن قريع الغطفاني ، عن عقبة بن بشير ، قال: سألت محمد بن علي بن الحسين ، قلت: يا أبا جعفر من أول من تكلم بالعربية؟ قال: إسماعيل ، وهو يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة ، قلت: فما كان كلام الناس قبل ذلك؟ قال: العبرانية .
وفي رواية عن أبي جعفر ، قال: ألهم الله إسماعيل العربية فنطق بها . قال علماء السير: لما حضرت إسماعيل الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق ، وزوج ابنته من العيص بن إسحاق ، وعاش إسماعيل مائة وسبعا وثلاثين سنة ، ودفن في الحجر عند قبر أمه هاجر .
قال شكا عمر بن عبد العزيز: إسماعيل إلى ربه عز وجل حر مكة فأوحى الله إليه: أني أفتح لك بابا من الجنة في الحجر يجري عليك منه الروح إلى يوم القيامة . وفي ذلك الموضع توفي .
قال خالد المخزومي: فيرون أن ذلك الموضع ما بين الميزاب إلى باب الحجر الغربي فيه قبره .
وقال صفوان بن عبد الله الجمحي: حفر الحجر فوجد فيه سفطا من حجارة أخضر ، فسأل قريشا عنه فلم يجد عند أحد منهم فيه علما ، فأرسل إلى أبي فسأله فقال: هذا قبر ابن الزبير إسماعيل عليه السلام .
وفي رواية: أنه وجد حجارة خضراء منطبقا بها ، فقيل له: هذا قبر إسماعيل .
وقيل: بل قبره مقابل الحجر الأسود . وقال هذا المحدودب -يشير إلى ما يلي الركن الشامي من المسجد الحرام- فقبور عذارى بنات ابن الزبير: إسماعيل . قال: وذلك الموضع سوي مع المسجد ولا يثبت أن يعود محدودبا كما كان .
قال علماء السير: لما توفي إسماعيل دبر أمر الحرم بعده ابنه نابت بن إسماعيل ، [ ص: 306 ] وقيل: اسمه نبت ، وأمه الجرهمية ، ثم مات نبت ولم يكن ولد إسماعيل ، فغلبت جرهم على ولاية البيت .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا الجوهري ، أخبرنا أخبرنا ابن حيويه ، أحمد بن معروف ، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا محمد بن سعد ، أخبرنا محمد بن عمر ، حدثنا موسى بن إبراهيم ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة ، عن أبي الجهم بن حذيفة بن غانم ، قال: توفي إسماعيل بعد إسحاق فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه هاجر . وولي نابت بن إسماعيل البيت بعد أبيه مع أخواله جرهم .
قال ابن سعد: وأخبرنا حدثنا خالد بن خداش ، عبد الله بن وهب المعبري ، قال: حدثني حرملة بن عمران ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، أنه قال: ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر إسماعيل ، فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت ، وقبر هود فإنه في خصف تحت جبال اليمن عليه شجرة نداء ، وموضعه أشد الأرض [حرا] ، وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 307 ]