ثم دخلت سنة تسع وخمسين ومائة
فمن الحوادث فيها:
العباس بن محمد الصائفة حتى بلغ غزوة أنقرة وانصرفوا سالمين .
وفيها: ولي حمزة بن مالك سجستان ، وولي جبرئيل بن يحيى سمرقند .
وعزل عبد الصمد عن المدينة عن موجدة ، واستعمل مكانه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن صفوان الجمحي .
وفيها: بنى المهدي مسجد الرصافة وبنى حائطها وحفر خندقها .
أخبرنا [أبو منصور] عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا الأزهري قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أخبرني أبو العباس المنصوري قال:
لما حصلت في يد الخزائن والأموال ودخائر المهدي أخذ في رد المظالم ، وأخرج ما في الخزائن ففرقه وبر أهله وأقرباءه ومواليه ، وأخرج لأهل بيته أرزاقا لكل واحد منهم في كل شهر خمسمائة درهم ، وأخرج لهم في الإقسام لكل واحد عشرة آلاف درهم . [ ص: 227 ] المنصور
وزاد بعضهم: [وأمر ببناء مسجد الرصافة وحاط حائطها ، وخندق خندقها] .
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي] الخطيب الجوهري قال: أخبرنا محمد بن عياش قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد المروزي قال:
حدثني أبي قال: حكي لنا أن الربيع قال: مات وفي بيت المال شيء لم يجمعه خليفة قط مائة ألف ألف درهم ، وستون ألف ألف درهم ، فلما صارت الخلافة إلى المنصور قسم ذلك وأنفقه . المهدي
قال الربيع: ونظرنا في نفقة فإذا هو ينفق في كل سنة ألفي درهم . قال: وفتح المنصور يوما خزائن المنصور مروان بن محمد فأحصى ما فيها اثني عشر ألف عدل خزفا .
فأخرج منها ثوبا وقال: يا ربيع ، اقطع من هذا الثوب جبتين ، لي واحدة ولمحمد واحدة . قلت: لا يجيء منه هذا . قال: فاقطع لي منه جبة وقلنسوة ، وبخل بثوب آخر يخرجه للمهدي .
فلما أفضت الخلافة إلى أمر بتلك الخزانة بعينها ففرقت على الموالي والغلمان والخدم . المهدي
وفيها: وجه المهدي عبد الملك بن شهاب المسمعي في البحر إلى بلاد الهند في خلق كثير فوصلوا إلى الهند في سنة ستين .
وفيها: أمر بإطلاق من كان في سجون المهدي إلا من كان قبله دم أو كان معروفا بالسعي في الأرض بالفساد ، أو كان لأحد قبله مظلمة . وكان ممن أطلق المنصور يعقوب ابن داود مولى بني سليم ، وكان معه في الحبس الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فحوله إلى المهدي نصير الوصيف فحبس عنده .
وكان سبب تحويله: أنه كان هو ويعقوب في مكان واحد فأطلق يعقوب ولم يطلق الحسن ، فساء ظنه وخاف على نفسه ، فالتمس مخرجا لنفسه فدس إلى بعض ثقاته [ ص: 228 ] فحفر له سربا في موضع مسامت للموضع الذي هو فيه محبوس ، وكان يعقوب بعد أن أطلق يطيف بابن علاثة - وهو قاضي - ويلزمه حتى أنس به ، وبلغ المهدي يعقوب ما عزم عليه الحسن من الهرب ، فأتى فأخبره أن عنده نصيحة ابن علاثة للمهدي ، فسأله إيصاله إلى أبي عبيد الله ، فدخل به إليه ، فسأله إيصاله إلى ليعلمه النصيحة ، فأدخله عليه فساره بذلك ، فأمر بتحويل المهدي الحسن إلى نصير ، فلم يزل حتى احتيل له فخرج ، فطلب فلم يقدر عليه ، فدعا المهدي يعقوب فأخبره خبر الحسن فقال: لا علم لي بمكانه ، ولكن إن أعطيتني [له] أمانا يثق به ضمنت أن آتيك به . فأعطاه ذلك ، فقال [له] : فاله عن ذكره يا أمير المؤمنين ، ودع طلبه ، فإن ذلك يوحشه ، ودعني وإياه حتى أحتال له ، وقال يعقوب: يا أمير المؤمنين قد بسطت عدلك ، وعممت بخيرك ، وقد بقيت أشياء لو ذكرتها لم تدع النظر فيها بمثل ما فعلت في غيرها ، وإن جعلت لي سبيلا إلى الدخول عليك ، وأذنت لي في رفعها إليك فعلت فأعطاه ذلك ، وكان يدخل على المهدي ليلا ويرفع إليه النصائح الحسنة من أمر الثغور ، وبناء الحصون ، وفكاك الأسارى ، والقضاء على الغارمين ، والصدقة على المتعففين ، فحظي بذلك عنده واتخذه أخا في الله تعالى ، وأخرج بذلك توقيعا أثبت في الدواوين ، ثم تغير عليه وأمر بحبسه . المهدي