924 - . حيان بن علي الكوفي ، أبو علي أخو مندل
حدث عن الأعمش ، وسهيل بن أبي صالح ، روى عنه حجر بن المثنى وخلف بن هشام ، وكان صالحا دينا فقيها .
قال يحيى: هو صدوق ، وفي رواية عنه يضعفه .
توفي في هذه السنة . وقيل: في السنة التي تليها .
925 - سعيد بن السائب الطائفي .
روى [عنه] سفيان ووكيع .
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال:
أخبرنا علي بن أحمد الملطي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر بن عبيد قال: حدثني محمد بن الحسين قال:
حدثنا عن الحميدي ، سفيان قال: كان سعيد بن السائب الطائفي لا يكاد تجف له دمعة ، إنما دموعه جارية دهره ، إن صلى فهو يبكي ، وإن جلس فهو يقرأ في المصحف فهو يبكي . قال سفيان: فحدثوني أن رجلا عاتبه على ذلك فبكى ، ثم قال: إنما ينبغي أن تعذلني وتعاتبني على التقصير والتفريط ، وأنهما قد استوليا علي .
أخبرنا عبد الله بن علي المقرئ ، ومحمد بن ناصر الحافظ ، وعلي بن عمر قالوا: أنبأنا طراد قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: حدثنا قال: ابن صفوان
حدثنا أبو بكر بن عبيد قال: حدثني قال: حدثنا الحسن بن الصباح محمد بن يزيد بن حسن قال: سمعت يقول: جلست ذات يوم أحدث ومعنا الثوري سعيد بن السائب الطائفي ، فجعل سعيد يبكي حتى رحمته ، فقلت: يا سعيد ، ما يبكيك وأنت تسمعني أذكر أهل الخير وفعالهم ، قال: يا سفيان ، وما يمنعني من البكاء ، وإذا ذكرت مناقب
[ ص: 339 ]
أهل الخير كنت منهم بمعزل ، قال: يقول سفيان: وحق له أن يبكي .
توفي عبد الله في هذه السنة .
926 - عمر بن ميمون بن الرماح ، أبو علي .
قاضي بلخ ، تولى القضاء بها أكثر من عشرين سنة ، وكان محمودا في ولايته ، مذكورا بالعلم والحلم والصلاح والفهم ، حدث عن سهيل بن أبي صالح ، والضحاك ، روى عنه: وكان ثقة ، وعمي في آخر عمره ، وتوفي سريج بن النعمان ، ببلخ في رمضان هذه السنة .
927 - عيسى بن يزيد بن بكر بن داب ، أبو الوليد .
أحد بني الليث بن بكر المديني ، قدم بغداد وأقام بها ، وحدث عن صالح بن كيسان ، وكان راوية عن وهشام بن عروة ، العرب ، وافر الأدب ، عالما بالنسب ، حافظا للسير ، عارفا بأيام الناس ، إلا أنهم قدحوا فيه ، فقالوا: يزيد في الأحاديث ما ليس فيها ، ونسبه خلف الأحمر إلى الكذب ، ووضع الحديث .
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب الأزهري قال:
أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: لم يتول الخلافة قبل بسنه أحد ، لأنه كان حدثا وكان يحب الأدب وأهله ويعطي عليه . الهادي
وكان عيسى بن داب يجالسه ، وكان أكثر أهل الحجاز أدبا ، وأعذبهم ألفاظا ، وكان قد حظي عند وكان يقول له: ما استطلت بك يوما ولا ليلة قط ، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت ألا أرى غيرك . وأمر له بثلاثين ألف دينار ، فلما أصبح الهادي ، ابن داب ، وجه قهرمانه فطالب بالمال ، فلقي الحاجب فأبلغه رسالته [فأعلمه] أن ذلك ليس إليه ، وأنه يحتاج إلى توقيع ، فأمسك ابن داب ، فبينا في مستشرف له نظر إلى الهادي ابن داب قد أقبل وليس معه غلام ، فقال لإبراهيم الحداني: أما ترى ابن داب ، ما [ ص: 340 ] غير حاله؟ ولا تزيى لنا ، وقد برزناه بالأمس لنرى أثرنا عليه ، فقال له إبراهيم: إن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا ، قال: لا هو أعلم بأمره . ودخل ابن داب ، فأخذ في حديثه إلى أن عرض له شيئا من أمره ، فقال: أرى ثوبك غسيلا ، وهذا شتاء يحتاج إلى لبس الجديد واللين ، فقال: يا أمير المؤمنين باعي قصير عما أحتاج إليه ، فقال: الهادي
كيف ذاك وقد صرفنا إليك من برنا ما فيه صلاح شأنك؟ قال: ما وصل إلي ، فدعا بصاحب بيت مال الخاصة ، فقال: عجل الساعة له بثلاثين ألف دينار ، فحملت بين يديه .
928 - المفضل بن محمد بن يعلى الضبي .
سمع سماك بن حرب ، وأبا إسحاق السبيعي ، وغيرهم . والأعمش
وروى القراءات عن روى عنه: عاصم بن أبي النجود ، الكسائي ، والفراء ، وغيرهما ، وكان راوية للآداب وأيام الأعراب ، علامة موثقا في روايته .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن جعفر الخالع فيما أذن أن نرويه عنه قال: أخبرنا علي بن محمد بن السري قال: قال لنا قال جحظة: الرشيد للمفضل الضبي: ما أحسن ما قيل في الذئب ولك هذا الخاتم الذي في يدي وشراؤه ألف وستمائة دينار؟ فقال: قول الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
فقال: ما ألقي هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم . ورماه إليه ، فاشترته أم جعفر بألف وستمائة دينار وبعثت به إليه ، وقالت: قد كنت أراك تعجب به فالتقطه الضبي وقال: خذه وخذ الدنانير ، فما كنا نهب شيئا فنرجع فيه . [ ص: 341 ]929 - . أبو عبد الله الحربي الزاهد
أخبرنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد قال: حدثنا عبد الغفار بن محمد المؤدب قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثني علي بن الحسن بن دليل قال: حدثنا محمد بن أحمد المقدمي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الجروي قال: حدثنا إبراهيم بن شبيب بن شيبة قال: كنا نتجالس في الجمعة فأتى رجل عليه ثوب واحد ملتحف به ، فجلس إلينا ، فألقى مسألة ، فما زلنا نتكلم في الفقه حتى انصرفنا ، ثم جاءنا في الجمعة المقبلة ، فأجبناه وسألناه عن منزله ، قال: أنزل الخريبة ، فسألنا عن كنيته ، فقال أبو عبد الله: فرغبنا في مجالسته ورأينا مجلسنا مجلس فقه ، فمكثنا بذلك زمانا ، ثم انقطع عنا ، فقال بعضنا لبعض ، ما حالنا وقد كان مجلسنا عامرا بأبي عبد الله ، وقد صار يوحشنا فوعد بعضنا بعضا إذا أصبحنا أن نأتي الخريبة فنسأل عنه ، فأتيناه الخريبة وكنا عددا ، فجعلنا نستحي أن نسأل عن أبي عبد الله ، فنظرنا إلى صبيان قد انصرفوا من الكتاب فقلنا: أبو عبد الله ، فقالوا:
لعلهم يعنون الصياد ، قلنا: نعم ، قالوا: هذا وقته الآن يجيء ، فقعدنا ننتظره ، فإذا هو قد أقبل مؤتزرا بخرقة ، على كتفه خرقة ومعه أطيار مذبحة وأطيار أحياء ، فلما رآنا تبسم إلينا وقال: ما جاء بكم؟ فقلنا: فقدناك ، وقد كنت عمرت مجلسنا ، فما غيبك عنا؟ قال:
أصدقكم ، كان لنا جار كنت أستعير منه كل يوم ذلك الثوب الذي كنت آتيكم فيه ، وكان غريبا ، فخرج إلى وطنه ، فلم يكن لي ثوب آتيكم فيه ، هل لكم أن تدخلوا المنزل فتأكلوا مما رزق الله عز وجل؟ فقال بعضنا لبعض: ادخلوا منزله ، فجاء إلى الباب فسلم ثم صلى قليلا ثم دخل ، فأذن لنا فدخلنا ، فإذا هو قد أتى بقطع من البواري فبسطها لنا فقعدنا ، فدخل إلى المرأة ، فسلم إليها الأطيار المذبحة ، وأخذ الأطيار الأحياء ثم قال:
أنا آتيكم إن شاء الله عن قريب ، فأتى السوق فباعها واشترى لنا خبزا ، فجاء وقد صنعت المرأة ذلك الطير وهيئته ، فقدم إلينا خبزا ولحم الطير ، فأكلنا ، فجعل يقوم فيأتينا بالملح والماء ، فكلما قام قال بعضنا لبعض: رأيتم مثل هذا؟ ألا تغيرون وأنتم سادة أهل البصرة؟! فقال أحدهم: علي خمسمائة ، وقال الآخر: علي ثلاثمائة ، وقال هذا وقال هذا ، ضمن بعضهم أن يأخذ له من غيره ، فبلغ الذي جمع له في الحساب خمسة آلاف درهم ، فقالوا: قوموا بنا نذهب فنأتيه بهذا المال ونسأله أن يغير ما هو فيه ، فقمنا فانصرفنا على حالنا ركبانا ، فمررنا بالمربد ، وإذا بمحمد بن سليمان أمير البصرة قاعد في منظرة [ ص: 342 ] له ، فقال: يا غلام ، آتيني بإبراهيم بن شبيب بن شيبة من بين القوم ، فجئت فدخلت عليه ، فسألني عن قصتنا ومن أين أقبلنا ، فصدقته الحديث ، فقال: أنا أسبقكم إلى بره ، يا غلام ، آتيني ببدرة دراهم ، فجاء فقال: احمل هذه البدرة مع هذا الرجل حتى يدفعها إلى من أمرناه ، ففرحت ، ثم قمت مسرعا ، فلما أتيت الباب سلمت فأجابني أبو عبد الله ، ثم خرج إلي ، فلما رأى الفراش والبدرة على عنقه كأني سفيت في وجهه الرماد ، فأقبل علي بغير الوجه الأول وقال: ما لي ولك ، تريد أن تفتنني؟ فقلت: يا أبا عبد الله اقعد حتى أخبرك ، إنه من القصة كذا وكذا ، وهو الذي تعلم أحد الجبارين - يعني محمد بن سليمان - ولو كان أمرني أن أضعها حيث أرى لرجعت إليه فأخبرته إني قد وضعتها ، فالله الله في نفسك ، فازداد علي غيظا ، وقام فدخل منزله وصفق الباب في وجهي فجعلت أقدم وأؤخر ، ما أدري ما أقول للأمير ، ثم لم أجد بدا من الصدق ، فجئت فأخبرته الخبر فقال: حروري والله يا غلام ، علي بالسيف ، فجاء بالسيف فقال:
خذ بيد هذا حتى يذهب بك إلى هذا الرجل ، فإذا خرج إليك فاضرب عنقه وآتيني برأسه ، قال إبراهيم: فقلت: أصلح الله الأمير ، الله الله ، فوالله لقد رأينا رجلا ما هو من الخوارج ، ولكني أذهب فآتيك به ، وما أريد بذلك إلا افتداء منه ، قال: فضمنيه ، فمضيت حتى أتيت الباب فسلمت ، فإذا المرأة تحن وتبكي ، ثم فتحت الباب وتوارت وأذنت فدخلت ، فقالت: ما شأنكم وشأن أبي عبد الله؟ قلت: وما حاله؟ قالت: دخل فمال إلى الركي فنزع منها ماء فتوضأ ثم صلى ثم سمعته يقول: اللهم اقبضني إليك ولا تفتني . ثم تمدد وهو يقول ذلك ، فلحقته وقد قضى ، فهو ذاك ميت ، فقلت: يا هذه ، إن لنا قصة عجيبة ، فلا تحدثوا فيه شيئا ، فجئت محمد بن سليمان فأخبرته الخبر ، فقال:
أنا أركب فأصلي على هذا ، قال: وشاع خبره بالبصرة ، فشهده الأمير وعامة أهل البصرة ، رحمه الله . [ ص: 343 ]