، فوجه وفي هذه السنة : هاجت العصبية بدمشق بين المضرية واليمانية الرشيد محمد بن منصور فأصلح بينهم .
وفيها : زلزلت المصيصة فانهدم بعض سورها ، ونضب ماؤهم ساعة [من الليل ] .
وفيها : غزا هارون الروم ، وافتتح هرقلة فظفر بابنة بطريقها فاستخلصها لنفسه ، وأغزى ابنه القاسم الصائفة ، ووهبه لله عز وجل ، وجعله قربانا له ووسيلة ، وولاه العواصم ، فدخل أرض الروم في شعبان ، فأناخ على حصن سنان ، فجهدوا ، فبعث إليه [ملك ] الروم يبذل له إطلاق ثلاثمائة أسير وعشرين أسيرا من أسارى المسلمين على أن يرحل عنهم ، ففعل .
وفيها : غضب على الرشيد وحبسه ، وكان بلغه أنه يروم [ ص: 138 ] الخلافة ، فلم يزل محبوسا حتى توفي عبد الملك بن صالح ، فأطلقه الرشيد محمد ، وعقد له على الشام .
وفيها : نقض صاحب الروم الصلح الذي كان جرى بين الذي قبله وبين المسلمين ، ومنع ما كان ضمنه الهالك لهم ، وكان سبب النقض : أن الروم كانت عليهم امرأة تملكهم ، فخلعوها وملكوا عليهم نقفور ، فكتب إلى : الرشيد
من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب ، أما بعد : فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ ، وأقامت نفسها مقام البيدق ، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا بحمل أمثاله إليها ، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن ، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها ، وافتد نفسك ، وإلا فالسيف بيننا وبينك .
فلما أن قرأ الكتاب استفزه الغضب ، حتى لم يمكن أحدا أن ينظر إليه دون أن يخاطبه ، وتفرق جلساؤه خوفا ، واستعجم الرأي على الوزير [من ] أن يشير عليه أو يتركه برأيه ، فدعا بدواة وكتب على ظهر الكتاب :
بسم الله الرحمن الرحيم . من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم ، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة ، والجواب ما تراه دون أن تسمعه . والسلام .
ثم شخص من يومه ، وسار حتى أناخ بباب هرقلة ، ففتح وغنم ، واصطفى ، وخرب وأحرق ، واصطلم . فطلب نقفور الموادعة على خراج يؤديه في كل سنة ، فأجابه إلى ذلك ، فلما رجع من غزوته ، وصار بالرقة نقض نقفور العهد ، وخان الميثاق ، وكان البرد شديدا ، فيئس نقفور من رجوعه إليه ، فأتى الخبر بارتداده عما أخذ عليه ، فلم يتهيأ لأحد إخباره بذلك إشفاقا عليه وعلى أنفسهم من الكرة في مثل تلك الأيام ، فاحتيل [ ص: 139 ] له بشاعر من أهل جدة يقال له : أبو محمد عبد الله بن يوسف فأخبره بذلك في أبيات .