1020 -
nindex.php?page=treesubj&link=33938_34064الفضيل بن عياض ، أبو علي التميمي .
ولد
بخراسان بكور أبيورد ، وقدم
الكوفة وهو كبير ، فسمع
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=17152ومنصور بن المعتمر ،
وعطاء بن السائب ،
وحصين بن عبد الرحمن ، وغيرهم .
ثم تعبد وانتقل إلى
مكة ، فمات بها في أول هذه السنة . وكان ثقة فاضلا زاهدا .
أخبرنا
محمد بن ناصر قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15753حمد بن أحمد قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الأصفهاني قال : حدثنا
محمد بن علي قال : حدثنا
أبو سعيد الجندي قال : حدثنا
إسحاق بن إبراهيم قال : كانت قراءة
الفضيل حزينة شهية بطيئة مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة تردد فيها وسأل ، وكان يلقى له حصير بالليل في مسجده ، فيصلي من أول الليل ساعة حتى تغلبه عيناه فينام على الحصير ، فينام قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم ، هكذا حتى يصبح .
وسمعته يقول : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك .
[ ص: 149 ] أخبرنا
المحمدان : ابن ناصر ،
وابن عبد الباقي قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15753حمد بن أحمد قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال : حدثنا
سليمان بن أحمد قال : حدثنا
محمد بن زكريا الغلابي قال : حدثنا
أبو عمرو الجرمي قال : حدثني
الفضيل بن الربيع قال : حج أمير المؤمنين ، فأتاني فخرجت مسرعا ، فقلت : يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك . فقال : ويحك ! قد حك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا أسأله . فقلت : هنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة . فقال : امض بنا إليه . فأتيناه فقرعت الباب ، فقال : من ذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي أتيتك ، فقال له : خذ لما جئناك له رحمك الله . فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دين ؟ قال : نعم . قال :
أبا العباس ، اقض دينه .
فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله . قلت : هنا
عبد الرزاق بن همام . قال : امض بنا إليه . فأتيناه ، فقرعت الباب فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . فخرج مسرعا فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي أتيتك . قال : خذ لما جئناك له . فحادثه ساعة ، ثم قال : هل عليك دين ؟ قال : نعم . قال :
أبا عباس ، اقض دينه .
فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله . قلت : هنا
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض . قال : مر بنا إليه . فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية من القرآن ، يرددها ، فقال : اقرع الباب . فقرعت الباب . فقال : من هذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين . فقال : ما لي ولأمير المؤمنين . فقلت : سبحان الله ، أما عليك طاعة ، أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=848095 "ليس للمؤمن أن يذل نفسه " ؟ فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ المصباح ، ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت ، فدخلنا فجعلنا
[ ص: 150 ] نجول عليه بأيدينا ، فسبقت كف
هارون قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ، ما ألينها ، إن نجت غدا من عذاب الله تعالى . فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام من قلب نقي . فقال له : خذ لما جئناك له رحمك الله .
قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ،
ومحمد بن كعب القرظي ، ورجاء بن حيوة . فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا الأمر فأشيروا علي .
فقال سالم بن عبد الله : إن أردت النجاة غدا من عذاب الله عز وجل فصم [عن ] الدنيا ، وليكن إفطارك فيها الموت .
وقال
محمد بن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم عندك ولدا ، فوقر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له
nindex.php?page=showalam&ids=15889رجاء بن حيوة : إن أردت النجاة غدا من عذاب الله عز وجل فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك إني أخاف عليك أشد الخوف ، يوما تزل فيه الأقدام ، فهل معك - رحمك الله - من يشير عليك بمثل هذا ؟
فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه ، فقلت : ارفق بأمير المؤمنين يا بن أم الربيع ، تقتله أنت وأصحابك وأرفق أنا به ، ثم أفاق فقال له : زدني رحمك الله . فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغني أن عاملا
nindex.php?page=showalam&ids=13597لعمر بن عبد العزيز شكى إليه ، فكتب إليه عمر :
يا أخي ، أذكرك الله طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف
[ ص: 151 ] بك من عند الله فيكون آخر العهد منك وانقطاع الرجاء .
فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فقال : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عز وجل قال : فبكى
هارون بكاء شديدا ، ثم قال : زدني رحمك الله .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إن
العباس عم المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أمرني على إمارة . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690619 "إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل " .
قال : فبكى
هارون بكاء شديدا ، وقال له : زدني رحمك الله .
قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=63773 "من أصبح غاشا لرعيته لم يرح رائحة الجنة " . فبكى
هارون وقال له : عليك دين ؟ قال : نعم ، دين لربي لم يحاسبني عليه ، فالويل لي إن سألني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : أعني من دين العباد . قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أوحده وأطيع أمره ، فقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين .
فقال له : هذه ألف دينار خذها أنفقها على عيالك ، وتقو بها على عبادتك . فقال : سبحان الله ، أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا ؟ سلمك الله ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا من عنده ، فلما صرنا على الباب قال : أبا العباس ، إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين .
[ ص: 152 ] فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت له : يا هذا ، قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال ، فلو قبلت هذا المال فانفرجنا به . فقال لها : مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كثر نحروه فأكلوا لحمه .
فلما سمع
هارون هذا الكلام قال : تدخل فعسى يقبل المال ، فلما علم الفضيل خرج فجلس على السطح على باب الغرفة ، فجلس
هارون إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت : يا هذا ، قد أذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف رحمك الله . فانصرفنا .
1021 -
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33937أبو شعيب البراثي العابد .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14986أبو منصور القزاز قال : أخبرنا
أبو بكر بن ثابت قال : أخبرنا
أبو نعيم الحافظ قال : أخبرني
أبو جعفر الخلدي في كتابه . وحدثني فيه
محمد بن إبراهيم عنه قال : سمعت
الجنيد بن محمد يقول : كان
أبو شعيب البراثي أول من سكن براثا في كوخ يتعبد فيه ، فمرت بكوخه جارية من بنات الكبار من أبناء الدنيا كانت ربيت في قصور الملوك ، فنظرت إلى أبي شعيب فاستحسنت حاله ، فصارت كالأسير له ، فعزمت على التجرد عن الدنيا والاتصال بأبي شعيب ، فجاءت إليه وقالت : أريد أن أكون لك خادمة . فقال لها : إن أردت ذلك فغيري من هيئتك وتجردي عما أنت فيه حتى تصلحي لما أردت . فتجردت عن كل ما تملكه ولبست لبسة النساك وحضرته فتزوجها ، فلما دخلت الكوخ رأت قطعة خصاف وكان يجلس عليها
أبو شعيب تقيه من الندى ، فقالت : ما أنا بمقيمة فيها حتى تخرج ما تحتك ، لأني سمعتك تقول : إن الأرض تقول لابن آدم : تجعل بيني وبينك حجابا وأنت غدا في بطني ، فما كنت لأجعل
[ ص: 153 ] بيني وبينها حجابا ، فأخذ
أبو شعيب الخصاف فرمى به ، فمكثت معه سنين كثيرة يتعبدان أحسن عبادة ، وتوفيا على ذلك متعاونين .
[قال المصنف : ] وقد ذكرنا فيما تقدم أن
جوهرة زوجة عبد الله البراثي جرى لها نحو هذا .
[ ص: 154 ]
1020 -
nindex.php?page=treesubj&link=33938_34064الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ .
وُلِدَ
بِخُرَاسَانَ بِكُورِ أَبْيُورَدَ ، وَقَدِمَ
الْكُوفَةَ وَهُوَ كَبِيرٌ ، فَسَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17152وَمَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ ،
وَعَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ ،
وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرَهُمْ .
ثُمَّ تَعَبَّدَ وَانْتَقَلَ إِلَى
مَكَّةَ ، فَمَاتَ بِهَا فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ . وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلًا زَاهِدًا .
أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15753حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو سَعِيدٍ الْجُنْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : كَانَتْ قِرَاءَةُ
الْفُضَيْلِ حَزِينَةً شَهِيَّةً بَطِيئَةً مُتَرَسِّلَةً ، كَأَنَّهُ يُخَاطِبُ إِنْسَانًا ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ تَرَدَّدَ فِيهَا وَسَأَلَ ، وَكَانَ يُلْقَى لَهُ حَصِيرٌ بِاللَّيْلِ فِي مَسْجِدِهِ ، فَيُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ سَاعَةً حَتَّى تَغْلِبُهُ عَيْنَاهُ فَيَنَامُ عَلَى الْحَصِيرِ ، فَيَنَامُ قَلِيلًا ، ثُمَّ يَقُومُ ، فَإِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ نَامَ ، ثُمَّ يَقُومُ ، هَكَذَا حَتَّى يُصْبِحَ .
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَحْرُومٌ مُكَبَّلٌ ، كَبَّلَتْكَ خَطِيئَتُكَ .
[ ص: 149 ] أَخْبَرَنَا
الْمُحَمَّدَانِ : ابْنُ نَاصِرٍ ،
وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15753حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَمْرٍو الْجَرْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي
الْفُضَيْلُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ : حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَتَانِي فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ . فَقَالَ : وَيْحَكَ ! قَدْ حَكَّ فِي نَفْسِي شَيْءٌ ، فَانْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ . فَقُلْتُ : هُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ . فَقَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ . فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ ذَا ؟ قُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَخَرَجَ مُسْرِعًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ . فَحَدَّثَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ :
أَبَا الْعَبَّاسِ ، اقْضِ دَيْنَهُ .
فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، انْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ . قُلْتُ : هُنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ . قَالَ : امْضِ بِنَا إِلَيْهِ . فَأَتَيْنَاهُ ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَخَرَجَ مُسْرِعًا فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ . قَالَ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ . فَحَادَثَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ :
أَبَا عَبَّاسٍ ، اقْضِ دَيْنَهُ .
فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ : مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا ، انْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ . قُلْتُ : هُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14919الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ . قَالَ : مُرَّ بِنَا إِلَيْهِ . فَأَتَيْنَاهُ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَتْلُو آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ ، يُرَدِّدُهَا ، فَقَالَ : اقْرَعِ الْبَابَ . فَقَرَعْتُ الْبَابَ . فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : مَا لِي وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَمَا عَلَيْكَ طَاعَةٌ ، أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=848095 "لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ " ؟ فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ ثُمَّ ارْتَقَى إِلَى الْغُرْفَةِ ، فَأَطْفَأَ الْمِصْبَاحَ ، ثُمَّ الْتَجَأَ إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ ، فَدَخَلْنَا فَجَعَلْنَا
[ ص: 150 ] نَجُولُ عَلَيْهِ بِأَيْدِينَا ، فَسَبَقَتْ كَفُّ
هَارُونَ قَبْلِي إِلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا لَهَا مِنْ كَفٍّ ، مَا أَلْيَنَهَا ، إِنْ نَجَتْ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَيُكَلِّمَنَّهُ اللَّيْلَةَ بِكَلَامٍ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ . فَقَالَ لَهُ : خُذْ لِمَا جِئْنَاكَ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ .
قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا وُلِّيَ الْخِلَافَةَ دَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ،
وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ ، وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ . فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي قَدِ ابْتُلِيتُ بِهَذَا الْأَمْرِ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ .
فَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصُمْ [عَنِ ] الدُّنْيَا ، وَلْيَكُنْ إِفْطَارُكَ فِيهَا الْمَوْتَ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَلْيَكُنْ كَبِيرُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَكَ أَبًا ، وَأَوْسَطُهُمْ أَخًا ، وَأَصْغَرُهُمْ عِنْدَكَ وَلَدًا ، فَوَقِّرْ أَبَاكَ ، وَأَكْرِمْ أَخَاكَ ، وَتَحَنَّنْ عَلَى وَلَدِكَ .
وَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15889رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ : إِنْ أَرَدْتَ النَّجَاةَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ، ثُمَّ مُتْ إِذَا شِئْتَ ، وَإِنِّي أَقُولُ لَكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَشَدَّ الْخَوْفِ ، يَوْمًا تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ ، فَهَلْ مَعَكَ - رَحِمَكَ اللَّهُ - مَنْ يُشِيرُ عَلَيْكَ بِمِثْلِ هَذَا ؟
فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : ارْفُقْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا بْنَ أُمِّ الرَّبِيعِ ، تَقْتُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ وَأَرْفُقُ أَنَا بِهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلَغَنِي أَنَّ عَامِلًا
nindex.php?page=showalam&ids=13597لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شَكَى إِلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ :
يَا أَخِي ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ طُولَ سَهَرِ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ مَعَ خُلُودِ الْأَبَدِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَنْصَرِفَ
[ ص: 151 ] بِكَ مَنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَكُونَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْكَ وَانْقِطَاعَ الرَّجَاءِ .
فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَى الْبِلَادَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ قَالَ : خَلَعْتَ قَلْبِي بِكِتَابِكَ ، لَا أَعُودُ إِلَى وِلَايَةٍ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : فَبَكَى
هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ .
فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ
الْعَبَّاسَ عَمَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِّرْنِي عَلَى إِمَارَةٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690619 "إِنَّ الْإِمَارَةَ حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَكُونَ أَمِيرًا فَافْعَلْ " .
قَالَ : فَبَكَى
هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا ، وَقَالَ لَهُ : زِدْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ .
قَالَ : يَا حَسَنَ الْوَجْهِ أَنْتَ الَّذِي يَسْأَلُكَ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ النَّارِ فَإِيَّاكَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=63773 "مَنْ أَصْبَحَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " . فَبَكَى
هَارُونُ وَقَالَ لَهُ : عَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ سَأَلَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي ، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي . قَالَ : أَعْنِي مِنْ دَيْنِ الْعِبَادِ . قَالَ : إِنَّ رَبِّيَ لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا ، أَمَرَنِي أَنْ أُوَحِّدَهُ وَأُطِيعَ أَمْرَهُ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ .
فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ خُذْهَا أَنْفِقْهَا عَلَى عِيَالِكَ ، وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَتِكَ . فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ وَأَنْتَ تُكَافِئُنِي بِمِثْلِ هَذَا ؟ سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ . ثُمَّ صَمَتَ ، فَلَمْ يُكَلِّمْنَا ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى الْبَابِ قَالَ : أَبَا الْعَبَّاسِ ، إِذَا دَلَلْتِنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلِ هَذَا ، هَذَا سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ .
[ ص: 152 ] فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ لَهُ : يَا هَذَا ، قَدْ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ ، فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ فَانْفَرَجْنَا بِهِ . فَقَالَ لَهَا : مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ ، فَلَمَّا كَثُرَ نَحَرُوهُ فَأَكَلُوا لَحْمَهُ .
فَلَمَّا سَمِعَ
هَارُونُ هَذَا الْكَلَامَ قَالَ : تَدْخُلُ فَعَسَى يَقْبَلُ الْمَالَ ، فَلَمَّا عَلِمَ الْفُضَيْلُ خَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى السَّطْحِ عَلَى بَابِ الْغُرْفَةِ ، فَجَلَسَ
هَارُونُ إِلَى جَنْبِهِ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَلَا يُجِيبُهُ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ : يَا هَذَا ، قَدْ أَذَيْتَ الشَّيْخَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ ، فَانْصَرِفْ رَحِمَكَ اللَّهُ . فَانْصَرَفْنَا .
1021 -
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33937أَبُو شُعَيْبٍ الْبَرَاثِيُّ الْعَابِدُ .
أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14986أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ : أَخْبَرَنِي
أَبُو جَعْفَرٍ الْخُلْدِيُّ فِي كِتَابِهِ . وَحَدَّثَنِي فِيهِ
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ
الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : كَانَ
أَبُو شُعَيْبٍ الْبَرَاثِيُّ أَوَّلَ مَنْ سَكَنَ بَرَاثَا فِي كُوخٍ يَتَعَبَّدُ فِيهِ ، فَمَرَّتْ بِكُوخِهِ جَارِيَةٌ مِنْ بَنَاتِ الْكِبَارِ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا كَانَتْ رُبِّيَتْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ ، فَنَظَرَتْ إِلَى أَبِي شُعَيْبٍ فَاسْتَحْسَنَتْ حَالَهُ ، فَصَارَتْ كَالْأَسِيرِ لَهُ ، فَعَزَمَتْ عَلَى التَّجَرُّدِ عَنِ الدُّنْيَا وَالِاتِّصَالِ بِأَبِي شُعَيْبٍ ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ : أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ لَكَ خَادِمَةً . فَقَالَ لَهَا : إِنْ أَرَدْتِ ذَلِكَ فَغَيِّرِي مِنْ هَيْئَتِكِ وَتَجَرَّدِي عَمَّا أَنْتِ فِيهِ حَتَّى تَصْلُحِي لِمَا أَرَدْتِ . فَتَجَرَّدَتْ عَنْ كُلِّ مَا تَمْلِكُهُ وَلَبِسَتْ لُبْسَةَ النُّسَّاكِ وَحَضَرَتْهُ فَتَزَوَّجَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْكُوخَ رَأَتْ قِطْعَةَ خَصَافٍ وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهَا
أَبُو شُعَيْبٍ تَقِيهِ مِنَ النَّدَى ، فَقَالَتْ : مَا أَنَا بِمُقِيمَةٍ فِيهَا حَتَّى تُخْرِجَ مَا تَحْتَكَ ، لِأَنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ : إِنَّ الْأَرْضَ تَقُولُ لِابْنِ آدَمَ : تَجْعَلُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِجَابًا وَأَنْتَ غَدًا فِي بَطْنِي ، فَمَا كُنْتُ لِأَجْعَلَ
[ ص: 153 ] بَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابًا ، فَأَخَذَ
أَبُو شُعَيْبٍ الْخَصَافَ فَرَمَى بِهِ ، فَمَكَثَتْ مَعَهُ سِنِينَ كَثِيرَةً يَتَعَبَّدَانِ أَحْسَنَ عِبَادَةٍ ، وَتُوُفِّيَا عَلَى ذَلِكَ مُتَعَاوِنَيْنِ .
[قَالَ الْمُصَنِّفُ : ] وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
جَوْهَرَةَ زَوْجَةَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرَاثِيِّ جَرَى لَهَا نَحْوُ هَذَا .
[ ص: 154 ]