ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1063 - . سلم بن سالم ، أبو محمد - وقيل : أبو عبد الرحمن - البلخي
قدم بغداد ، وحدث عن ، [و ] إبراهيم بن طهمان . روى عنه : الثوري
. الحسن بن عرفة
وكان مذكورا بالعبادة والزهد ، مكث أربعين سنة لم ير له فراش ، ولم ير مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى ، وما رفع رأسه إلى السماء أكثر من أربعين سنة . وكان داعيا في الإرجاء ، وكان صارما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فدخل بغداد ، فشنع على ، فأخذه وحبسه وقيده باثني عشر قيدا ، فشنع عليه الرشيد حتى بقيت أربعة ، وكان يدعو في حبسه ويقول : اللهم لا تجعل موتي في [ ص: 9 ] حبسه ، ولا تمتني حتى ألقى أهلي . فمات أبو معاوية الضرير فخلت عنه الرشيد زبيدة ، فخرج إلى الحج فوافى أهله بمكة قدموا حجاجا ، فمرض فاشتهى البرد ، فجمعوا [له ] فأكل ومات . وذلك في [ذي ] الحجة من هذه السنة .
وقد اتفق المحدثون على تضعيف رواياته .
1064 - . عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت بن محمد الثقفي البصري
ولد سنة ثمان ومائة - وقيل : سنة عشر - وسمع أيوب السجستاني ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وخالدا الحداد وغيرهم .
روى عنه : ، الشافعي ، وأحمد ، وابن راهويه ويحيى ، وغيرهم . وكان ثقة ، إلا أنه اختلط في آخر عمره .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا يحيى بن علي بن الطيب الدسكري قال : سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن سعيد بن عصمة يقول : سمعت الفضيل بن العباس الهروي يقول : سمعت عاصما المروزي يقول :
سمعت عمرو بن علي يقول : كانت غلة عبد الوهاب بن عبد المجيد في كل سنة ما بين أربعين ألفا إلى خمسين ألفا ، فكان إذا أتت عليه السنة ينفقها على أصحاب الحديث ، فلم يبق منها شيء .
توفي عبد الوهاب في هذه السنة ، وهو ابن أربع وثمانين سنة .
1065 - . أبو نصر الجهيني المصاب
أنبأنا ابن ناصر الحافظ ، أنبأنا المبارك بن عبد الجبار ، أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت ، أنبأنا ، أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه عثمان بن أحمد الدقاق ، أنبأنا العباس بن مسروق ، أنبأنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن الأشهلي قال : سمعت محمد بن
[ ص: 10 ]
إسماعيل بن أبي فديك قال : كان عندنا رجل يكنى أبا نصر من جهينة ، ذاهب العقل ، في غير ما الناس فيه ، لا يتكلم حتى يكلم ، وكان يجلس مع أهل الصفة في آخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا سئل عن شيء أجاب فيه جوابا حسنا مغربا ، فأتيته يوما وهو في مؤخر المسجد مع أهل الصفة ، منكسا رأسه ، واضعا جبهته بين ركبتيه ، فجلست إلى جنبه ، فحركته فانتبه فزعا ، فأعطيته شيئا كان معي ، فأخذه فقال : قد صادف منا حاجة ، فقلت له : يا أبا نصر ، ما الشرف ؟ قال : حمل ما ناب العشيرة ، أدناها وأقصاها ، والقبول من محسنها ، والتجاوز عن مسيئها . قلت له : فما السخاء ؟ قال :
جهد مقل . قلت : فما البخل ؟ قال : أف ، وحول وجهه عني . قلت : تجيبني ؟ قال :
أجبتك .
وقدم علينا فأخلي له المسجد ، فوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى منبره ، وفي موقف هارون الرشيد جبريل عليه السلام ، واعتنق أسطوانة النبوة ، ثم قال : قفوا بي على أهل الصفة . فلما أتاهم حرك أبو نصر وقيل : هو أمير المؤمنين . فرفع رأسه وقال :
أيها الرجل ، إنه ليس بين عباد الله وأمة نبيه ورعيتك وبين الله خلق غيرك ، وإن الله سائلك عنهم ، فأعد للمسألة جوابا ، وقد قال : لو ضاعت سخلة على شاطئ الفرات لخاف عمر بن الخطاب أن يسأله الله عنها . فبكى عمر هارون وقال : يا أبا نصر ، إن رعيتي غير رعية ، ودهري غير دهر عمر . فقال له : هذا والله غير مغن عنك ، فانظر لنفسك ، فإنك عمر تسألان عما خولكما الله . فدعا وعمر هارون بصرة فيها ثلاثمائة دينار ، فقال : ادفعوها إلى أبي نصر ، فقال أبو نصر : ما أنا إلا رجل من أهل الصفة ، فادفعوها إلى فلان يفرقها عليهم ويجعلني كرجل منهم .
وكان أبو نصر يخرج كل يوم جمعة صلاة الغداة ، فيدخل السوق مما يلي الثنية ، فلا يزال يقف على مربعة مربعة ويقول : أيها الناس ، اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ، إن العبد إذا مات صحبه أهله وماله وعمله ، فإذا وضع في قبره رجع أهله وماله وبقي عمله ، فاختاروا لأنفسكم ما يؤنسكم في قبوركم رحمكم الله . فلا يزال يعمل ذلك في مربعة مربعة حتى يأتي مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يصلي الجمعة ، فلا يخرج من المسجد حتى يصلي العشاء الآخرة . [ ص: 11 ]