1105 - الفضل بن سهل بن عبد الله ، أبو العباس الملقب ذا الرئاستين .
كان من أولاد ملوك المجوس ، وأسلم أبوه سهل في أيام ، واتصل الرشيد بيحيى بن خالد البرمكي ، واتصل الفضل والحسن ابنا سهل بالفضل وجعفر ابنا ، فضم يحيى بن خالد جعفر بن يحيى الفضل بن سهل إلى وهو ولي عهد ، وقيل : إن المأمون الفضل لما أراد أن يسلم كره أن يسلم على يد الرشيد ، فصار وحده إلى الجامع يوم الجمعة ، فاغتسل ولبس ثيابه ، ورجع مسلما ، وغلب على والمأمون لخلاله الجميلة من الكرم والوفاء والبلاغة والكتابة ، فلما استخلف المأمون فوض إليه أموره كلها ، وسماه ذا الرئاستين لتدبيره أمر السيف والقلم . المأمون
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عمر النرسي قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن المكتفي بالله قال : حدثنا قال : قال رجل ابن الأنباري للفضل بن سهل أسكتني عن وصفك تساوي أفعالك في السؤدد وحيرني فيها كثرة عددها ، فليس [لي ] إلى ذكرها جميعها سبيل ، وإذا أردت وصف واحدة اعترضت أختها إذ كانت الأولى ليست بأحق [ ص: 111 ] في الذكر ، فلست أصفها إلا بإظهار العجز عن وصفها .
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد ] قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا أبو بشر محمد بن أبي السري الوكيل قال : حدثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال : أخبرني قال : [أنشدنا الصولي قال : ] أنشدنا ثعلب إبراهيم بن العباس الصولي لنفسه في : الفضل بن سهل
لفضل بن سهل يد تقاصر عنها المثل فبسطتها للغنى
وسطوتها للأجل وباطنها للندى
وظاهرها للقبل
أصبحت بين خصاصة وتجمل والمرء بينهما يموت هزيلا
فامدد إلي يدا تعود بطنها بذل النوال وظهرها التقبيلا
حدثني [أبو ] أحمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد المنقري قال : أخبرنا قال : أخبرنا الصولي القاسم بن إسماعيل قال : حدثني إبراهيم بن العباس الصولي قال : اعتل [ ص: 112 ] ذو الرئاستين علة الفضل بن سهل بخراسان ثم برأ ، فجلس للناس فهنأوه بالعافية وتصرفوا في الكلام ، فلما فرغوا أقبل على الناس فقال : إن في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعرفوها بمحيص الذنوب ، وتعرض لثواب الصبر ، وإيقاظ من الغفلة ، وإذكار بالنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة وحض على الصدقة ، فنسي الناس ما تكلموا به وانصرفوا بكلام الفضل .
أخبرنا قال : أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت قال : أخبرني الحسن بن أبي بكر قال : كتب إلي محمد بن إبراهيم أن أحمد بن حمدان أخبرهم قال : حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال : حدثنا قال : سنة اثنتين ومائتين فيها قتل ذو الرئاستين أبو حسان الزيادي يوم الخميس لليلتين خلتا من شعبان بسرخس في الحمام ، اغتاله نفر ، فدخلوا عليه فقتلوه ، فقتل به الفضل بن سهل المأمون عبد العزيز بن عمران الطائي ، ومؤنس بن عمران البصري ، وخلف بن عمرو البصري ، وعلي بن أبي سعيد ، وسراجا الخادم .
قال المصنف رحمه الله : وفي رواية أخرى : أنه لما رحل من المأمون مرو ووصل إلى سرخس ، شد أربع نفر من خواص وهم المأمون غالب المسعودي ، وقسطنطين الرومي ، وفرج الديلمي ، وموفق الصقلي على وهو في الحمام فقتلوه وهربوا ، وذلك في يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان هذه السنة ، فجعل الفضل بن سهل لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار ، فجاء بهم المأمون العباس بن القاسم ، فقالوا : أنت أمرتنا بقتله فأمر بهم فضربت أعناقهم . للمأمون
وذكر أن عمر الجاحظ الفضل كان إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر .
1106 - يحيى بن المبارك بن المغيرة ، أبو محمد العدوي ، المعروف باليزيدي صاحب أبي عمرو بن العلاء
. [ ص: 113 ]
حدث عن أبي عمرو ، وأخذ عن وابن جريج الخليل من اللغة أمرا عظيما ، وجلس يوما إلى جانبه ، فقال له : أحسبني ضيقت عليك ؟ فقال الخليل : ما ضاق شيء عن صاحبين ، والدنيا ما تسع متباغضين .
وإنما قيل له : اليزيدي ، لأنه كان منقطعا إلى يزيد بن منصور الحميري يؤدب ولده ، فنسب إليه .
ثم اتصل فجعل بالرشيد في حجره ، وكان يكلم المأمون الأمين وهما صبيان بكلام بقصيدته تعلم الفصاحة : فأكلا يوما كمأة فتحمرا ، فقال لهما والمأمون اليزيدي :
"فلأكلأكما كمأكما لا سوا أن سوالا سلا" [ ؟ ] . .
وكان قد وكل بهما خادما يؤدي إليه ما يجري منهما ، فمضى إلى الرشيد وقال له : إنه اليوم علمهما كلام الزنجية ، فدعاه فقال : أحسنت الزنجية قط ، قال : كذا عرفني الخادم . فقال الخادم : بلى ، قد كان ذلك وقت أكل الكمأة ، فقال الرشيد اليزيدي : إنما قلت كذا ليتفصحا ، وأنا أفعل مثل هذا كثيرا . فقال : لا تلم الخادم ، فلولا التقدمة لظننته أنا بالزنجية . الرشيد
وكان اليزيدي أحد القراء الفصحاء الشعراء ، عالما بلغات العرب ، ثقة ، وكان يجلس في أيام مع الرشيد الكسائي ببغداد في مسجد واحد يقرئان الناس ، وكان يؤدب الأمين ، الكسائي واليزيدي يؤدب فأقر المأمون الرشيد أن يأخذ على الكسائي بحرف الأمين حمزة ، وأمر اليزيدي أن يعلم حرف المأمون أبي عمرو .
أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الواحد البزاز ، قال : أخبرنا أبو سعيد السيرافي ، قال : أخبرنا ، قال : أخبرنا محمد بن أبي الأزهر قال : أنشدني : الزبير بن بكار إسحاق بن أبي إبراهيم ، قال : أنشدني أبو محمد اليزيدي :
إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى وتفرغ منه ، لم تعظه عواذله
ومن لم يؤدبه أبوه وأمه تؤدبه روع الردى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع هواك ولا يغلب بحقك باطله
من أهل الري ، كان يقال إنه من الأبدال ، وله كرامات .
أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا الخطيب ، قال : أخبرنا إجازة ، حدثنا ابن رزق ، جعفر الجلدي ، قال : حدثنا ابن منصور قال : سمعت محمد بن منصور يقول :
جئت مرة إلى ، فغض أنامله وقال : هاه ، لو لحقت معروف الكرخي أبا إسحاق الدولابي كان ها هنا الساعة يسلم علي ، فذهبت أقوم ، فقال لي : اجلس ، لعله قد بلغ منزله بالري .
توفي أبو إسحاق الدولابي في هذه السنة ، رحمة الله عليه . [ ص: 115 ]