[ ص: 234 ] ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ابن طاهر سعي به إلى المأمون وقال رجل من إخوة أن المأمون : يا أمير المؤمنين ، إن للمأمون يميل إلى ولد عبد الله بن طاهر أبي طالب ، وكذا كان أبوه ، فأنكر ذلك ، ثم عاد لمثل هذا القول ، فدس إليه رجلا وقال له: امض في هيئة القراء والنساك إلى المأمون مصر فادع جماعة من كبرائها إلى القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ، واذكر مناقبه وفضله ، ثم صر من بعد ذلك إلى بطانة ، فادعه ورغبه في استجابته له ، وابحث عن دفين نيته بحثا شافيا . ففعل الرجل ، حتى إذا دعا جماعة من الرؤساء ، قعد يوما ما بباب عبد الله بن طاهر ، وقد ركب إلى عبد الله بن طاهر عبيد الله بن السري بعد صلحه وأمانه .
فلما انصرف قام إليه الرجل ، فأخرج من كمه رقعة ، فدفعها إليه ، فأخذها بيده ، فما هو إلا أن دخل خرج الحاجب إليه فأدخله ، فقال له: قد فهمت ما في رقعتك ، فهات ما عندك فقال: ولي أمانك وذمة الله؟ قال: لك ذلك ، فأظهر ما أراد ، ودعاه إلى القاسم ، وأخبره بفضائله ، فقال له عبد الله أتنصف؟ قال: نعم قال: هل يجب شكر الله على العباد؟ قال: نعم ، قال: فهل يجب شكر بعضهم لبعض عند الإحسان؟ قال: نعم ، قال: فتجيء إلي وأنا على هذه الحال التي ترى لي خاتم في المشرق جائز وفي المغرب كذلك ، وفيما بينهما أمري مطاع ، ثم ما التفت يمينا ولا شمالا إلا رأيت نعمة [ ص: 235 ] لرجل أنعمها علي ، فتدعوني إلى الكفر بهذه النعم ، وهذا الإحسان ، وتقول: اغدر بمن كان أولا لهذا وآخرا واسع في دمه ، فسكت الرجل ، فقال له: ارحل عن هذا البلد ، فإني أخاف عليك ، فلما آيس الرجل مما عنده ، جاء إلى ، فأخبره ، فاستبشر ، وقال: ذاك غرس يدي وإلف أدبي وترب تلقيحي ولم يظهر لأحد من ذلك شيئا . المأمون
وفي هذه السنة: قدم عبد الله بن طاهر مدينة السلام من المغرب ، فتلقاه العباس بن المأمون وأبو إسحاق المعتصم وسائر الناس ، وقدم معه بالمتغلبين على الشام كابن [السرج ، وابن] أبي الجمل ، [وابن] أبي الصقر .
وفيها: أمر مناديا ، فنادى: برئت الذمة ممن ذكر المأمون بخير أو فضله على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . معاوية
وحج بالناس في هذه السنة: صالح بن العباس وهو والي مكة