ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  
1252 -  آدم بن أبي إياس ،   [واسم] أبي إياس: ناهية .  
وقال  البخاري:  هو: آدم بن عبد الرحمن بن محمد يكنى أبا الحسن .  
مولى ، أصله من خراسان ،  ونشأ ببغداد ،  ودخل إلى البلاد ، وسمع من  شعبة   والليث ،  وخلق كثير ، وكان من العلماء الثقات الصالحين ، واستوطن عسقلان .  
وتوفي بها في هذه السنة . 
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد  قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ،  أخبرنا أحمد بن عبد الواحد  حدثنا إسماعيل بن سعيد بن المعدل ،  حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي  قال : حدثني أبو علي المقدمي  قال: لما حضرت  آدم بن [أبي] إياس  الوفاة ختم القرآن وهو مسجى ،  ثم قال: بحبي لك إلا رفقت بي في هذا  [ ص: 58 ] المصرع ، كنت أؤملك لهذا اليوم ، كنت أرجوك لهذا ، ثم قال : لا إله إلا الله ، ثم قضى . 
1253 - خلف بن أيوب ، أبو سعيد العامري البلخي .  
فقيه أهل بلخ  وزاهدهم ، أخذ الفقه عن أبي يوسف ،   وابن أبي ليلى .  والزهد عن  إبراهيم بن أدهم .  
وسمع الحديث من عوف بن أبي جميلة ،   وإسرائيل ،  ومعمر ،  وغيرهم ، روى عنه: أحمد ،  ويحيى ،  وأبو كريب .  
أنبأنا  زاهر بن طاهر ،  أنبأنا  أحمد بن الحسين البيهقي ،  أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم  قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد العزيز  المذكر يقول: 
سمعت أبا عمرو محمد بن علي الكندي  يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن السبب [في] إثبات ملك آل ساسان أن أسد بن نوح  خرج إلى  المعتصم ،  وكان أسد  حسن المنظر شجاعا عالما فصيحا عاقلا فتعجبوا من حسنه وجماله وفصاحته . فقال له أمير المؤمنين: هل في بيتك أشجع منك؟ قال: لا . قال: فهل في بيتك أعقل منك؟ قال: لا . فلم يعجب الخليفة ذلك منه ، فدخل عليه بعد ذلك فسأله مثل تلك المسألة ، فأجابه بمثل ذلك الجواب ، فلم يعجبه ، ثم إنه كرر عليه السؤال فأجابه بمثله ، فقال: يا أمير المؤمنين ، هلا قلت ولم ذاك؟ قال: ويحك! ولم ذلك ؟ قال: لأنه ليس في أهل بيتي أحد وطئ بساط الخليفة وشاهد طلعته ، وقابله بالمسألة التي قابلني بها ورضي خلقه وخلقه غيري ، فأنا أفضلهم إذا! فاستحسن أمير المؤمنين ذلك منه فتمكن موقعه لديه ، ثم إنه خيره بين أعمال كور خراسان  فاختار منها ولاية بلخ  ونواحيها ، فلما ورد بلخ  بعهد أمير المؤمنين كان يتولى الخطبة بنفسه ، ثم إنه سأل عن علماء بلخ  هل فيهم من لم يقصده . قالوا: نعم ،  خلف بن أيوب  أعلم أهل الناحية وأزهدهم وأورعهم وهو يتجنب  [ ص: 59 ] السلطان ، ولا سبيل إليه في اختلافه إلى السلاطين ، فاشتهى أسد بن نوح  لقاءه ، فوكل بعض أصحاب الأخبار بخلف بن أيوب ،  وقال: إذا كان يوم الجمعة فراقب خلفا ،  فإذا خرج من بيته ، فبادر إلي وعرفني ، فذهب صاحب الخبر فراقب  خلف بن أيوب  حتى خرج من بيته يقصد الجمعة ، فبادر وأخبره ، [فركب] فلما استقبله نزل عن دابته وقصد خلفا ،  فلما رآه خلف  قد قصده قعد مكانه ، وغطى وجهه بردائه ، فقال: السلام عليكم . فأجابه جوابا مشفيا ، فسلم المرة الثانية ، فأجاب ولم يرفع رأسه ، فرفع أسد بن نوح  رأسه إلى السماء ، ثم قال: اللهم إن هذا العبد الصالح يبغضنا فيك ، ونحن نحبه فيك ، ثم ركب ومر ، فأخبر بعد ذلك أن  خلف بن أيوب  مرض فذهب إليه يعوده ، فقال [له:] هل لك من حاجة؟ قال: نعم . قال: وما هي؟ قال : حاجتي أن لا تعود إلي وإذا مرضت . قال : وهل غير ذلك؟ قال: إن مت فلا تصل علي وعليك السواد ، قال: فلما توفي خلف  شهد  [أسد] بن نوح  جنازته راجلا ، فلما بلغ المصلى نزع السواد وتقدم فصلى عليه ، فسمع صوتا بالليل: بتواضعك وإجلالك لخلف بن أيوب  ثبتت الدولة في عقبك ، ولا تنقطع أبدا . 
وفي رواية أخرى: أن أسدا  رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام كأنه يقول له: يا أسد بن نوح ،  ثبت ملكك وملك بيتك بإجلالك لخلف بن أيوب .  
1254 - سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن العباس ، أبو أيوب الهاشمي .  
كان داود بن علي  قد مات وابنه حمل ، فلما ولد سموه باسمه داود ،  وسمع سليمان   [ ص: 60 ] عبد الرحمن بن أبي الزياد ،  وإبراهيم بن سعد ،   وسفيان بن عيينة ،  وغيرهم . وروى عنه:  أحمد بن حنبل ،   وإبراهيم الحربي ،  وكان ثقة . 
قال  الشافعي:  ما رأيت أعقل من رجلين:  أحمد بن حنبل ،  وسليمان بن داود الهاشمي .  
وقال  أحمد بن حنبل:  لو قيل لي اختر للأمة رجلا أستخلفه عليهم استخلفت سليمان بن داود الهاشمي .  
توفي سليمان  في هذه السنة . وقيل: في سنة تسع عشرة . 
1255 - عفان بن مسلم أبو عثمان الصفار ، [البصري] ،  مولى عزرة بن ثابت الأنصاري .  
ولد سنة أربع وثلاثين ومائة ، وحدث عن  شعبة ،  والحمادين ، وخلق كثير . روى عنه: أحمد ،  ويحيى ،   وابن المديني ،  وغيرهم ، وكان إماما ثقة ، صاحب سنة وورع ، ضمن له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل ، ولا يقول عدل ولا غير عدل ، فأبى وقال: لا أبطل حقا من الحقوق . وابتلي في المحنة فلم يجب . 
أخبرنا   [عبد الرحمن بن محمد] القزاز  قال: أخبرنا   [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب  قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز ،  حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد التميمي  قال: سمعت القاسم بن أبي صالح  يقول: سمعت إبراهيم بن الحسين ديزيل  يقول: لما دعي عفان  للمحنة كنت آخذا بلجام حماره فلما  [ ص: 61 ] حضر عرض عليه القول فامتنع أن يجيب ، فقيل له: يحبس عطاؤك قال: وكان يعطى في كل شهر ألف درهم فقال: وفي السماء رزقكم وما توعدون  قال: فلما رجع [إلى داره] عذله نساؤه ومن في داره ، وكان في داره نحو أربعين إنسانا ، قال: فدق عليه داق الباب ، فدخل رجل شبهته بسمان أو زيات ، ومعه كيس فيه ألف درهم ، فقال: يا أبا عثمان ،  ثبتك الله كما ثبت هذا الدين ، وهذا [لك] في كل شهر . 
توفي أبو عثمان  في هذه السنة . وقيل: في سنة تسع عشرة ، ولا يصح . 
1256 - فتح الموصلي ، أبو نصر .  
ورد بغداد  زائرا لبشر الحافي .  
أخبرنا عبد الرحمن بن ثابت  قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت  قال: أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان بن أحمد ،  أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ،  حدثنا العباس بن يوسف ،  حدثنا أبو جعفر البزار ،  حدثنا أبو نصر ابن أخت بشر الحافي  قال: كنت يوما واقفا ببابنا ، إذ أقبل رجل ثائر الرأس ، ملتف بالعباء ، فقال لي: بشر  في البيت؟ قلت: نعم ، قال: ادخل فقل له فتح بالباب . فدخلت فقلت: يا خال ، شيخ في عباء قال لي: قل لبشر  فتح بالباب ، فخرج مسرعا فصافحه واعتنقه ، فقال له الشيخ: يا أبا نصر ،  ذكرتك البارحة واشتقت [إلى لقائك] قال: فدفع إلي درهما ، فقال: خذ بأربعة دوانيق خبزا ويكون جيدا وبدانقين تمرا ، فقال الشيخ : قل له: يكون  [ ص: 62 ] سهريزا فجئته به . فقال الشيخ: قل له يأكل معنا [فقال: كل معنا] فأكلت معهم ، فلما أكلت أخذ ما فضل في طرف العباء ومضى ، فخرج خالي معه فشيعه إلى باب حرب ، فلما رجع قال لي: [يا بني] ، تدري من هذا؟ قلت: لا . قال: هذا فتح الموصلي .  
وفي رواية أخرى : أن بشرا  قال: تدرون لم حمل باقي الطعام؟ قالوا: لا . قال: إذا صح التوكل لم يضر الحمل .  
[وقد ذكرنا فتحا الموصلي  في سنة سبعين ومائة ، وذاك آخر] . 
1257 - محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر   [رضوان الله عليهم] . 
ولد سنة مائة وخمس وتسعين ، وقدم من المدينة  إلى بغداد  وافدا على  المعتصم  ومعه امرأته أم الفضل بنت المأمون ،  وكان  المأمون  قد زوجه إياها وأعطاه مالا عظيما ، وذلك أن  الرشيد  كان يجري على علي بن موسى بن جعفر  في كل سنة ثلاثمائة ألف درهم ولنزله عشرين ألف درهم في كل شهر ، فقال  المأمون  لمحمد بن علي بن موسى:  لأزيدك على مرتبة أبيك وجدك . فأجرى له ذلك ، ووصله بألف ألف درهم . وقدم بغداد  فتوفي بها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة في هذه السنة ، وركب هارون بن المعتصم  وصلى عليه ، ثم حمل ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن جعفر ،  وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وثلاثة أشهر ، واثنى عشر يوما ، وحملت امرأته إلى قصر  المعتصم  فجعلت في جملة الحرم . 
وبلغنا عن بعض العلويين أنه قال: كنت أهوى جارية بالمدينة ،  وتقصر يدي عن ثمنها ، فشكوت ذلك إلى محمد بن علي بن موسى الرضا ،  فبعث فاشتراها سرا ، فلما  [ ص: 63 ] بلغني أنها بيعت ولم أعلم أنه اشتراها زاد قلقي فأتيته فأخبرته ببيعها فقال: من اشتراها؟ قلت: لا أعلم ، قال: فهل لك في الفرجة؟ قلت: نعم . فخرجنا إلى قصر له عنده ضيعه فيها نخل وشجر ، وقد قدم إليه فرشا وطعاما ، فلما صرنا إلى الضيعة أخذ بيدي ودخلنا ، ومنع أصحابه من الدخول ، وأقبل يقول لي : بيعت فلانة ولا تدري من اشتراها؟ فأقول: نعم وأبكي ، حتى انتهى إلى بيت على بابه ستر ، وفيه جارية جالسة على فرض له قيمة ، فتراجعت ، فقال: والله لتدخلن ، فدخلت ، فإذا الجارية التي كنت أحبها بعينها ، فبهت وتحيرت ، فقال: أفتعرفها ؟ قلت: نعم ، قال: هي لك مع الفرش والقصر والضيعة [والغلة] والطعام ، وأقم بحياتي معها ، وابلغ وطرك في التمتع بها ، وخرج إلى أصحابه فقال: أما طعامنا فقد صار لغيرنا فجددوا لنا طعاما ، ثم دعا الأكار فعوضه عن حقه من الغلة حتى صارت لي تامة ثم مضى .  [ ص: 64 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					