ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  
1441 - الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري   ، مولى أم سلمة المخزومية  زوجة  السفاح   . 
ولي قضاء المدينة المنصورية  بعد عبد الرحمن بن إسحاق الضبي   . 
عزل  الواثق  الضبي  في سنة ثمان وعشرين ومائتين ، واستقضى الحسن بن علي  وأبوه حي ، وكان ذا مروءة . 
وتوفي في رجب هذه السنة . 
1442 - الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان بن يزيد ، أبو حسان الزيادي    . 
سمع من إبراهيم بن سعد  ،  وهشيم بن بشير  ،  وابن علية  ، وخلق كثير . 
روى عنه :  الكديمي  ،  والباغندي   . وكان من العلماء الأفاضل ، صالحا دينا كريما مصنفا ، وله تاريخ حسن ، وولي قضاء الشرقية   . 
أخبرنا   [أبو منصور ] القزاز  قال : أخبرنا   [أبو بكر ] الخطيب  قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري  قال : أخبرنا محمد بن عمران المرزباني  قال : أخبرنا عبد الواحد بن محمد الخصيبي  قال : حدثنا أبو حازم القاضي  وأبو علي أحمد بن إسماعيل  قالا : حدثنا أبو سهل الرازي  قال : حدثني  أبو حسان الزيادي  قال : ضقت ضيقة بلغت فيها إلى الغاية ، حتى ألح علي القصاب ، والبقال ، والخباز ، وسائر المعاملين ، ولم تبق لي حيلة ، فإني ليوما على تلك الحال ، وأنا مفكر في الحيلة ، إذ  [ ص: 298 ] دخل علي الغلام فقال : حاجي بالباب يستأذن ؟ 
فقلت له : ائذن له ، فدخل الخراساني فسلم ، وقال : ألست أبا حسان  ؟ قلت : 
بلى ، فما حاجتك ؟ قال : أنا رجل غريب أريد الحج ، ومعي عشرة آلاف درهم ، واحتجت أن تكون قبلك حتى أقضي حجي وأرجع ، فقلت هاتها ، فأحضرها وخرج بعد أن وزنها وختمها ، فلما خرج فككت الخاتم على المكان ، ثم أحضرت المعاملين فقضيت كل دين كان علي ، واتسعت وأنفقت ، وقلت : أضمن هذا المال للخراساني ، وإلى أن يجيء يكون قد أتى الله بفرج من عنده ، فكنت يومي ذلك في سعة وأنا لا أشك في خروج الخراساني ، فلما أصبحت من غد ذلك اليوم دخل علي الغلام فقال : 
الخراساني الحاج بالباب يستأذن فقلت : ائذن له ، فدخل فقال : إني كنت عازما على ما أعلمتك ، ثم ورد علي الخبر بوفاة والدي ، وقد عزمت على الرجوع إلى بلدي ، فتأمر لي بالمال الذي أعطيتك أمس . 
قال : فورد علي أمر لم يرد علي مثله قط ، وتحيرت فلم أدر ما أقول له ، ولا بما أجيبه ، وفكرت فقلت : ماذا أقول للرجل ؟ ثم قلت : نعم ، عافاك الله [تعالى ] ، منزلي هذا ليس بحريز ، ولما أخذت مالك وجهت به إلى من هو قبله ، فتعود في غد لتأخذه ، فانصرف وبقيت متحيرا ما أعمل ؟ إن جحدته قدمني فاستحلفني ، وكانت الفضيحة في الدنيا والآخرة ، وإن دافعته صاح وهتكني وغلظ الأمر علي جدا ، وأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني إلي ، فلم يأخذني النوم ولا قدرت على الغمض ، فقمت إلى الغلام فقلت له : أسرج البغلة ، فقال : يا مولاي ، هذه العتمة بعد ، وما مضى من الليل شيء ، فإلى أين تمضي ؟ 
فرجعت إلى فراشي ، فإذا النوم ممتنع ، فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات ، وأنا لا يأخذني القرار ، وطلع الفجر ، فأسرج البغلة وركبت ، وأنا لا أدري أين أتوجه ، وطرحت عنان البغلة ، وأقبلت أفكر وهي تسير بي حتى بلغت الجسر فعدلت بي فتركتها فعبرت ، ثم قلت : إلى أين أعبر ، وإلى أين أمضي ؟ 
 [ ص: 299 ] 
ولكن إن رجعت وجدت الخراساني على بابي ، دعها تمضي إلى حيث شاءت ، ومضت البغلة ، فلما عبرت الجسر أخذت بي يمنة إلى [ناحية ] دار  المأمون  ، فتركتها إلى أن قاربت باب  المأمون  ، والدنيا بعد مظلمة ، فإذا بفارس قد تلقاني ، فنظر في وجهي ، ثم سار وتركني ، ثم رجع إلي فقال : ألست بأبي حسان الزيادي  ؟ قلت : 
بلى . قال : أجب الأمير  الحسن بن سهل  ، فقلت في نفسي : وما يريد  الحسن بن سهل  مني ؟ ثم سرت معه حتى صرنا إلى بابه فاستأذن لي عليه [فأذن لي ] ، فقال : أبا حسان  ، ما خبرك ؟ وكيف حالك ؟ ولم انقطعت عنا ؟ فقلت : لأسباب وذهبت لأعتذر . 
فقال : دع عنك هذا ، أنت في لوثة أو في أمر ، فإني رأيتك البارحة في النوم في تخليط كثير ، فابتدأت فشرحت له قصتي من أولها إلى آخرها إلى أن لقيني صاحبه [ودخلت عليه ] ، فقال : لا يغمك يا أبا حسان  ، قد فرج الله عنك هذه بدرة للخراساني مكان بدرته ، وبدرة أخرى لك تتسع بها ، وإذا نفدت أعلمنا . فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني ، واتسعت ، وفرج الله وله الحمد . 
توفي أبو حسان  في رجب هذه السنة ، وله تسع وثمانون سنة وأشهر ، ومات هو والحسن بن الجعد  في وقت واحد ، وأبو حسان  على الشرقية  ، والحسن بن علي  على مدينة المنصور   .  [ ص: 300 ] 
1443 - الخليل بن عمرو [ ، أبو عمرو ] البغوي   
سكن بغداد  ، وحدث بها عن  وكيع بن الجراح  ،  وعيسى بن يونس   . 
روى عنه : البغوي  ، وكان ثقة . وتوفي [بها في صفر ] في هذه السنة . 
1444 - زكريا [بن يحيى ] بن صالح بن يعقوب ، أبو يحيى القضاعي الحرسي    . 
روى عن  المفضل بن فضالة  ، ورشدين بن سعد  ،  وعبد الله بن وهب   . 
كانت القضاة تقبله ، وتوفي في شعبان هذه السنة . 
1445 - الطيب بن إسماعيل بن إبراهيم ، أبو محمد الذهلي . ويعرف بأبي حمدون القصاص ، واللآل ، [والثقاب ]    . 
روى حروف القرآن عن الثقات :  الكسائي  ، ويعقوب الحضرمي   . 
وحدث عن  سفيان بن عيينة  وشعيب بن حرب   . 
روى عنه : أبو العباس بن مسروق  وغيره ، وكان من الزهاد المخلصين . 
أخبرنا   [أبو منصور ] القزاز  قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت  قال : أخبرنا الجوهري  قال : 
حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا  أبو الحسين بن المنادي  قال : أبو حمدون الطيب [ابن إسماعيل   ] من الأخيار الزهاد ، المشهورين بالقراءات ، وكان يقصد 
 [ ص: 301 ] 
المواضع التي ليس فيها أحد يقرئ الناس فيقرئهم حتى إذا حفظوا انتقل إلى آخرين بهذا النعت ، وكان يلتقط المنبوذ كثيرا . 
أخبرنا   [أبو منصور ] القزاز  قال : أخبرنا   [أحمد بن علي ] الخطيب  قال : أخبرنا محمد بن عبيد الله الجبائي  قال : حدثنا جعفر بن محمد بن نصير [الخلدي   ] قال : 
حدثني أبو العباس أحمد بن مسروق  قال : سمعت أبا حمدون المقرئ  يقول : صليت ليلة فقرأت فأدغمت حرفا ، فحملتني عيناي ، فرأيت كأن نورا قد تلبب بي وهو يقول : 
الله بيني وبينك . قلت : من أنت ؟ قال : أنا الحرف الذي أدغمت ، قال قلت : لا أعود ، فانتبهت ، فما عدت أدغم حرفا . 
أخبرنا القزاز  أخبرنا   [أحمد بن علي ] الخطيب  قال : أخبرنا رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري  قال : سمعت أبا محمد الحسن [بن علي ] بن صليح  يقول : إن أبا حمدون الطيب بن إسماعيل  كف بصره ، فقاده قائد له ليدخله المسجد [فلما بلغ إلى المسجد ] قال له قائده : يا أستاذ ، اخلع نعلك . قال : [لم ] يا بني أخلعها ؟ قال : لأن فيها أذى ، فاغتم أبو حمدون  ، وكان من عباد الله الصالحين ، فرفع يده ودعا بدعوات ومسح بها وجهه فرد الله عليه بصره ومشى . 
 [ ص: 302 ] 
1446 - القاسم بن عثمان الجوعي    . 
أسند عن  سفيان بن عيينة  وغيره . 
أخبرنا  ابن ناصر  قال : أخبرنا  حمد بن أحمد   [قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ  قال : 
حدثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر  قال : حدثنا عبد الرحمن بن أحمد  حدثنا ] يوسف بن أحمد البغدادي  قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري  قال : سمعت القاسم الجوعي  يقول : شبع الأولياء بالمحبة عن الجوع ففقدوا لذاذة الطعام والشراب والشهوات ، لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة ، فقطعتهم عن كل لذة وإنما سميت قاسما الجوعي  لأن الله تعالى قواني على الجوع ، فلو تركت ما تركت ولم أوت بالطعام لم أبال ، رضت نفسي حتى لو تركت شهرا وما زاد لم تأكل ولم تشرب ولم تبال ، وأنا عنها راض أسوقها حيث شئت ، اللهم أنت فعلت بي ذلك فأتمه علي . 
1447 - محمد بن أسلم بن سالم بن يزيد ، أبو الحسن الكندي الطوسي    . 
سمع عبدان بن عثمان  ،  وسعيد بن منصور  والحميدي  ، وقبيصة  ،  ويزيد بن هارون  في خلق كثير ، وكان من الصالحين . 
قال  محمد بن رافع   : دخلت على محمد بن أسلم  فما شبهته إلا بأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان محمد بن أسلم  يخدم نفسه وعياله ويستقي الماء من النهر بالجرار في اليوم البارد ، وكان إذا اعتل لم يخبر أحدا بعلته ولم يتداو .  [ ص: 303 ] 
أخبرنا  [محمد ] بن ناصر الحافظ  قال : أخبرنا حمد بن أحمد الحداد  قال : 
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله  قال : حدثنا أبي قال : حدثنا خالي أحمد بن محمد بن يوسف  قال حدثنا أبي قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم  قال : سمعت  إسحاق بن راهويه  يقول : لم أسمع بعالم منذ خمسين سنة كان أشد تمسكا بأثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من محمد بن أسلم   . 
قال أبو عبد الله   : وقال لي محمد بن أسلم  يا أبا عبد الله  ما لي ولهذا الخلق كنت في صلب أبي وحدي ، ثم صرت في بطن أمي وحدي ، ثم دخلت إلى الدنيا وحدي ، ثم تقبض روحي وحدي ، فأدخل في قبري وحدي ، فيأتيني منكر  ونكير  فيسألاني وحدي ، فأصير إلى حيث صرت وحدي ، وتوضع عملي وذنوبي في الميزان وحدي ، وإن بعثت إلى الجنة بعثت وحدي ، وإن بعثت إلى النار بعثت وحدي ، فما لي والناس ! قال : وصحبته نيفا وعشرين سنة لم أره يصلي ركعتي التطوع إلا يوم الجمعة ، ولا يسبح ولا يقرأ حيث أراه ، ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني . وسمعته يحلف مرارا : لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي فعلت ، وكان يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزا من ماء ، فلم أدر ما يصنع ، حتى سمعت ابنا له صغيرا يحكي بكاءه ، فنهته أمه ، فقلت لها : ما هذا البكاء ؟ فقالت : إن أبا الحسن  يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه ، وكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل ، فلا يرى عليه أثر البكاء ، وكان يصل قوما فيعطيهم ويبرهم ويكسوهم ، فيبعث إليهم ويقول للرسول : انظر لا يعلمون من بعثه إليهم ، ويأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ويخفي نفسه ، فربما بليت ثيابهم ونفد ما عندهم ولا يدرون من الذي أعطاهم . 
قال : ودخلت عليه يوما قبل موته بأربعة أيام فقال لي : يا أبا عبد الله  ، تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير . قد نزل بي الموت وقد من الله علي أنه ليس  [ ص: 304 ] عندي درهم يحاسبني الله عليه وقد علم ضعفي ، وأني لا أطيق الحساب [فلم يدع لي شيئا يحاسبني عليه ] ثم قال : أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حتى أموت ، واعلم أني أخرج من الدنيا وليس عندي ميراث غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي ، وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما فقال : هذا لابني ، أهداه إليه قريب له ، ولا أعلم شيئا أحل لي منه ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال  "أنت ومالك لأبيك" فكفنوني منها ، فإن أصبتم [لي ] بعشرة [دراهم ] ما يستر عورتي فلا تشتروا لي بخمسة عشر ، وابسطوا على جنازتي لبدي ، وغطوا عليها بكسائي ، وتصدقوا بإنائي ، أعطوه مسكينا يتوضأ فيه ، ثم مات في اليوم الرابع وصلى عليه نحو من ألف ألف تقريبا . 
توفي ابن أسلم  في هذه السنة ، ودفن إلى جنب  إسحاق بن راهويه   . 
1448 - محمد بن رمح بن المهاجر ، أبو عبد الله التجيبي    . 
حكى عن  مالك بن أنس  ، وروى عنه : الليث  ،  وابن لهيعة  ، وهو ثقة ثبت . 
توفي في شوال هذه السنة . 
1449 - هانئ بن المتوكل بن إسحاق بن إبراهيم بن حرملة ، أبو هاشم الإسكندراني    . 
يروي عن  حيوة بن شريح  ، ومعاوية بن صالح   . جاوز المائة .  [ ص: 305 ] 
				
						
						
