[ ص: 3 ]
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المنتصر أغزى وصيفا التركي الصائفة -أرض الروم- وسبب ذلك أنه كان قد وقع بين وصيف وبين وزير أحمد بن الخصيب المنتصر ، فأشار على المنتصر أن يخرج وصيفا من العسكر غازيا ، فأمره بالغزو ، وقال له: إن طاغية الروم قد تحرك ، ولست آمنه على بلاد الإسلام ، فإما أن تخرج أنت أو أنا . فقال: بل أنا أخرج ، فخرج في عشرة آلاف .
وفي هذه السنة: خلع المعتز والمؤيد أنفسهما ، وسبب ذلك: أن المنتصر لما استقامت له الأمور ، قال أحمد بن الخصيب لوصيف وبغا: إنا لا نأمن الحدثان ، وأن يموت أمير المؤمنين فيلي الأمر المعتز ، فلا يبقي منا باقية ، والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا ، فجد الأتراك في ذلك ، وألحوا على المنتصر ، [ ص: 4 ] وقالوا: تخلعهما وتبايع لابنك [هذا عبد الوهاب] فأحضرهما ، وجعلا في دار ، فقال المعتز للمؤيد: يا أخي ، لم ترى أحضرنا؟ فقال المؤيد: يا شقي ، للخلع ، قال: ما أظنه يفعل . فجاءتهم الرسل بالخلع ، فقال المؤيد: السمع والطاعة ، فقال المعتز: ما كنت لأفعل ، فإن أردتم قتلي فشأنكم . فرجعوا ثم عادوا بغلظة شديدة ، فأخذوا المعتز بعنف وأدخلوه إلى بيت ، وأغلقوا عليه الباب . فقال له المؤيد: يا جاهل تراهم قد نالوا من أبيك ما نالوا ثم تمتنع عليهم! اخلع ، ويلك! ولا تراجعهم ، فقال: أفعل ، فقال لهم المؤيد: قد أجاب .
فكتبا خطوطهما بالخلع ، وأنهما عجزة عن الخلافة: وقد خلعناها من أعناقنا .
ثم دخلا عليه ، فقال: أترياني خلعتكما طمعا في أن أعيش حتى يكبر ولدي وأبايع له! والله ما طمعت في ذلك ، ولأن يليها بنو أبي أحب إلي من أن يليها بنو عمي ، ولكن هؤلاء -وأومأ إلى الموالي- ألحوا علي في خلعكما ، فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة ، فيأتي عليكما ، فلو قتلته ما كان دمه يفي دماءكما . فقبلا يده ثم انصرفا . وكان خلعهما في يوم السبت لسبع بقين من صفر [هذه السنة] .
[ ص: 5 ]
وفي هذه السنة: خرج محمد بن عمر الشاري بناحية الموصل ، فوجه إليه المنتصر إسحاق بن ثابت الفرغاني ، فأخذه أسيرا مع عدة [من] أصحابه ، فقتلوا وصلبوا .
وفيها: تحرك يعقوب من سجستان فصار إلى هراة .
المنتصر واستخلف المستعين . وفيها: توفي
[ ص: 6 ]