ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
إلى حرب المعتمد يعقوب بن الليث الصفار ، وكان خروج يعقوب قد عصى وتجبر ، فعسكر يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة ، واستخلف على المعتمد سامراء ابنه جعفرا ، ثم سار وقدم أخاه أبا أحمد لحربه ، فجعل أبو أحمد على ميمنته موسى بن بغا ، وعلى ميسرته مسرورا ، والتقى العسكران يوم الأحد العاشر من [رجب مع] الظهر ، فشدت ميسرة يعقوب على ميمنة أبي أحمد فهزمتها وقتلت منها جماعة ، وقتل من أصحاب يعقوب جماعة ، وكره أصحابه القتال إذ رأوا السلطان قد حضر لقتاله فحملوا على يعقوب ، فانهزم أصحابه [أقبح هزيمة . وقرئ على الناس كتاب فيه] "ولم يزل المارق المسمى يعقوب [بن الليث الصفار] ينتحل الطاعة حتى أحدث الأحداث المنكرة من مصيره إلى فارس مرة بعد مرة ، واستيلائه على أموالها ، وإقباله إلى باب أمير المؤمنين مظهرا لمسألة أمور ، أجابه أمير المؤمنين فيها إلى ما لم يكن ليستحقه؛ استصلاحا له ، فولاه خراسان ، والري ، وفارس ، وقزوين ، وزنجان ، والشرطة ببغداد ، وأمر أن يكنى في كتابه ، وأقطعه الضياع النفيسة ، فما زاده ذلك إلا طغيانا [ ص: 174 ] وبغيا ، وأمره بالرجوع فأبى ، فنهض أمير المؤمنين لدفع الصفار ، ثم غلب على فارس ، ثم رجع يعقوب بن الليث إلى معسكره ، وعاد إلى المعتمد المدائن .
وفي هذه السنة: ولي القضاء علي بن محمد بن أبي الشوارب ، وولي قضاء الجانب الشرقي من إسماعيل بن إسحاق بغداد ، وجمع له الجانبان .
ومن الحوادث في هذه السنة: ما أنبأنا به أبو بكر بن محمد بن أبي طاهر البزار ، عن أبي الحسين بن المهتدي قال: رأيت بخط حدثنا القاضي ابن الفرات: أبو الحسن الجراحي قال: حدثني عبد الخالق بن الحسن قال: سمعت أبا عون الفرائضي يقول: خرجت إلى مجلس أحمد بن منصور الزيادي سنة اثنتين وستين ومائتين ، فلما صرت بطاق الحراني رأيت رجلا قد أمر بالقبض على امرأة وأمر بجرها ، فقالت له: اتق الله . فأمر أن تجر ، فلم تزل تناشده الله وهو يأمر بجرها إلى أن بلغت باب القنطرة ، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم قالت: قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون [39: 46] إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه . قال أبو عون: فوقع الرجل على ظهره ميتا وأنا أراه ، فحمل على جنازة ، وانصرفت المرأة .
وحج بالناس في هذه السنة الذي حج بهم قبلها .