ثم دخلت سنة أربع وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها :
أن الأسعار تراخت في مستهل المحرم وعاد الرخص وكثرت الخيرات وخرج أهل السواد إلى قراهم .
ومن ذلك : أن محمود بن زنكي بن آقسنقر غزا فقتل ملك أنطاكية واستولى على عسكر الإفرنج وفتح كثيرا من قلاعهم .
وفي يوم الأربعاء ثالث ربيع الآخر : استوزر أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة ، ولقب عون الدين وخلع عليه .
وفي رجب : عاد البقش وجمع الجموع وقصد العراق وانضم إليه ملك شاه بن محمود وطرنطاي وعلي بن دبيس واجتمع معهم خلق كثير من التركمان فلما بقي بينهم وبين بغداد ثلاثة فراسخ بعثوا إلى الخليفة يطلبون منه الخطبة لملك شاه فلم يجبهم وقويت الأراجيف ودون الخليفة وجمع العسكر وحفرت بقية الخندق وتقدم إلى أهل الجانب الغربي بالانتقال إلى الحريم ونودي في الرصافة وأبي حنيفة أن لا يبقى أحد فنقل الناس وبعث أمير المؤمنين ابن العبادي إلى السلطان ونفذ بعده بالركابية يستحثه على المجيء ويعلمه أنهم جاءوا لأجل الخطبة وأني ما أجبتهم للعهد الذي بيني وبينك فينبغي أن تعجل المجيء فلم يبرح فبعث إليه عمه سنجر يعاتبه ويقول : قد أخربت البلاد وقتلت العباد في هوى ابن البلنكري فينبغي أن تنفذ به وبوزيره والجاولي وإلا ما [ ص: 72 ] يكون جوابك غيري فلم يلتفت إلى ذلك فرحل سنجر إلى الري وبعث إليه يقول : قد جئت إليك فلما علم بذلك سار إليه جريدة وعاد من عنده طيب القلب .
وجاء السلطان مسعود في ذي الحجة ، وخرج إليه الوزير [ ] وأرباب الدولة وجلس لهم وطيب قلوبهم فرجعوا مسرورين وكان البقش قد قبض على ابن هبيرة ابن دبيس فأطلقه فوصل ابن دبيس إلى بغداد ودخل على السلطان فرمى نفسه بين يديه فعفا عنه وخلع عليه ورضي عن الطرنطاي ولم يعلم البقش حتى دخل دار السلطنة فسلمت نفسه ولم ترد إليه ولاية .
وخرج في هذه السنة نظر الخادم بالحاج ، فلما بلغ الكوفة مرض فعاد ورتب قيماز الأرجواني مكانه ، فلما وصل إلى بغداد توفي بعد أيام .
. وكانت زلزلة وفي يوم السبت غرة ذي الحجة وقت الضحى : زلزلت الأرض زلزلة عظيمة فبقيت تموج نحوا من عشر مرات بحلوان تقطع منها الجبل وساخ في الأرض ، وانهدم الرباط البهروزي ، وهلك عالم من التركمان .
وفي هذه السنة : اشتدت بالناس علة برسامية وسرسامية عمت الخلق فكانوا إذا مرضوا لا يتكلمون ولا يطول بهم الأمر .