ثم دخلت سنة أربع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها :
أن الروم دخلت في صفر إلى ملطية فأخربوا وسبوا وأقاموا فيها أياما كثيرة ، فوصل أهل ملطية إلى بغداد في جمادى الآخرة مستغيثين من الروم .
وفي ليلة الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الأولى : وقع حريق في نهر طابق فاحترق فيه ألف دار وألف دكان .
وفي هذا الشهر : قرئت الكتب على المنابر بموت الدمستق .
وفي رجب : وقع حريق في دار السلطان فاحترقت دور الأمراء .
وفي يوم الأحد لأربع خلون من شعبان : ورد كتاب من مكة يذكرون خروج أهل مكة منها ونقلهم حرمهم وأموالهم خوفا من القرمطي لاتصال الخبر بقربه منهم .
وورد الخبر بأن ريحا عظيمة هبت في رمضان بنصيبين حتى قلعت الشجرة وهدمت المنازل .
وفي يوم الأحد لثمان خلون من شوال وهو اليوم السابع من كانون : سقط ببغداد ثلج كثير ، وقبل هذا اليوم بستة أيام برد الهواء بردا شديدا ، ثم زاد شدة بعد سقوط [ ص: 256 ] الثلج ، وأفرط في الشدة جدا حتى تلف أكثر نخل بغداد وسوادها وجف ، وتلف شجر الأترج والتين والسدر ، وجمد الشراب والماورد والخل ، وجمدت [الخلجان الكبار من دجلة ببغداد ، وجمد أكثر الفرات بنواحي الرقة وجمدت ] دجلة بأسرها بالموصل حتى عبرت الدواب عليها وحتى جلس المعروف بأبي زكرة المحدث في وسط دجلة على الجمد ، وكتب عنه الحديث ، ثم انكسر البرد بريح جنوب ومطر غزير .
وقدم الحاج من خراسان في شوال ، فأحضرهم مؤنس المظفر وعرفهم شغل السلطان بأمر القرمطي عن إنفاذ من يبذرق الحاج ، فانصرفوا ولم يتهيأ حج من طريق العراق لخوف القرامطة .
وفي ذي القعدة : بعث المقتدر بالله نازوك فقبض على أبي العباس الخصيبي ، وعلى ابنه أبي الحسين ، وكاتبه إسرائيل بن عيسى ، وكانت مدة وزارته سنة وشهرين ، واستدعى أبا القاسم عبيد الله بن محمد الكلواذي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة وأوصله إلى حضرته ، وأعلمه أنه قد قلد أبا الحسن علي بن المقتدر عيسى [الوزارة ، وأنه قد استخلفه إلى أن يقدم ، وتقدم إلى سلامة الطولوني بالنفوذ في البرية إلى دمشق ليحضر علي بن عيسى ] ، فسار علي بن عيسى من دمشق إلى منبج ، ثم انحدر في الفرات إلى بغداد .
وانعزل في هذه السنة أبو جعفر بن البهلول القاضي عن القضاء ، فقيل له : لم فعلت ؟ قال : أريد أن يكون بين الصدر والقبر فرجة ، ومات بعد سنتين .