ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه خرج إلى الراضي الموصل لمحاربة الحسن بن عبد الله بن حمدان ، وخرج بجكم فكان ينزل بين يديه بقليل ، فاستولى ابن رائق على بغداد فدخلها في ألف من القرامطة .
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا التنوخي ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر ، قال : لما كان في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة خرج إلى الراضي الموصل ، وأخرج معه قاضي القضاة أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف ، وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها أبا نصر يوسف بن عمر ، لما علم أنه لا أحد بعد أبيه يجاريه ولا إنسان يساويه ، فجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين في جامع الرصافة وقرأ عهده بذلك ، وحكم فتبين للناس من أمره ما بهر عقولهم ، ومضى في الحكم على سبيل معروفة له ولسلفه ، وما زال أبو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة .
قال : ومضى الراضي عاجلا إلى أبو بكر الصولي الموصل ، وقد تقدم بجكم فواقع الحسن بن عبد الله فهزمه ، ثم خرج ابن رائق من بغداد وعاد إليها . الراضي
وجاء في جمادى الأولى وهو أول يوم من آذار بعد المغرب مطر عظيم وبرد كبار ، [ ص: 378 ] في كل بردة نحو الأوقيتين ، ودام وسقط بذلك حيطان كثيرة من دور بغداد ، وظهر جراد كثير .
وكان الحج قد بطل من سنة سبع عشرة وثلاثمائة فلم يحج أحد من العراق ، فلما جاءت سنة سبع وعشرين كاتب أبو علي عمر بن يحيى العلوي القرامطة ، وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه ، وسألهم أن يأذنوا للحجيج ليسير بهم ويعطيهم من كل جمل خمسة دنانير ، ومن المحمل سبعة دنانير ، فأذنوا لهم ، فحج الناس وهي أول سنة مكس فيها الحاج ، وخرج في تلك السنة القاضي أبو علي بن أبي هريرة الشافعي ، فلما طولب بالخفارة لوى راحلته ورجع ، وقال : لم أرجع شحا على الدراهم ، ولكن قد سقط الحج لهذا المكس .