ثم دخلت
فمن الحوادث فيها: سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة
[ما] قد ذكرنا أن معز الدولة [أبو الحسين] بن بويه حصر المطيع [لله] ، ووكل به ، وأن ناصر الدولة أبو محمد بن حمدان جاء إلى بغداد يخاصم عن الخليفة ، فدخل إلى بغداد ، وحارب معز الدولة ، فعبر معز الدولة إلى الجانب الشرقي ، فملكه في أول يوم من المحرم ، فانهزم ناصر الدولة ، ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى ، وقتل من العامة جماعة ، وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين في طريق عكبرا ، لأنه وقع للناس أن الديلم إذا ملكوا الجانب الشرقي وضعوا السيف تشفيا من العوام ، لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا واستعمل معز الدولة الحلم ، ومنع من القتل ، إلا من هرب من الرجال والنساء والصبيان ، وتلف في طريق عكبرا من الحر والعطش خلق كثير ، لأنهم خرجوا مشاة حفاة .
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، أنبأنا علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف قال: لما دخل الديلم من الجانب الغربي
[ ص: 54 ]
إلى [الجانب] الشرقي ، وخاف الناس السيف فهربوا على وجوههم ، وكانت [المرأة] العذراء والمخدرة المترفة من ذوات النعم ، والصبية ، والأطفال ، والعجائز ، وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون يريدون الصحراء ، وكان ذلك اليوم حارا فلا يطيقون المشي . قال أبو محمد الصلحي: انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة ، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش ، ونحن نركض هاربين فما شبهته إلا بيوم القيامة . قال: فأخبرني جماعة أنهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي وهي تصيح: أنا [فلانة] ابنة فلان ، ومعي جوهر وحلي بألف دينار ، ورحم الله من أخذه مني وسقاني شربة ماء ، فما يلتفت إليها أحد حتى خرت ميتة ، وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلي وما يعرض له أحد .
ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف أنه لا يبغيه سوءا ، ولا يمالي عليه عدوا ، ثم أزال عنه التوكيل ، وأعاده إلى داره ، وورد الخبر بدخول [الأمير] المطيع لله ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه الري وملك الجبل بأسره .
وفي أول رجب: صرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربي من بغداد ، وتقلد أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان مضافا لما [كان] إليه من قضاء الجانب الشرقي .
وفي رمضان: وقع بقطربل برد كبار [في] كل بردة أوقيتان وأكثر ، فطحن [ ص: 55 ] الغلات وكان ذلك في سابع عشر نيسان .