ثم ورد في يوم السبت لست بقين من الشهر كتاب الملك جلال الدولة إلى الخليفة يسأله فيه هذا الذي فعل ، فجمع الناس يوم الثلاثاء في بيت الموكب ، وقرئ عليهم ، وكان فيه:
"سلام على أمير المؤمنين ، أما بعد أطال الله بقاء سيدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين ، فإن كتابي صادر إلى الحضرة القاهرة القادرية المحفوفة بالبركات النبوية ، وما أستأمن فيه من أمور الرعايا وحفظ نظام العسكر مستمر بمبذول الإمكان والاجتهاد ، فما أزال أعمل فكرا في مصالح المسلمين ، وأدأب سعيا في حراسة [ ص: 207 ] شملهم وعلم سيدنا ومولانا الإمام أمير المؤمنين] محيط بأن الله تعالى جعل لكل شيء أمدا ، وسوى في نقل الخلق فلم يخل من حتمه نبيا ولا صفيا ، وقد سار سيدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين بأحسن السير حاميا للخواص والعوام من الغير والأشبه تسمية النظر في حاضر يومه لغده ، وإعداد ما سيظهر به من عدده حتى لا يسأله الله يوم المعاد عن حق أهمل ، وقد تعين وجوده ، وأن أولى ما اعتمده النظر لأمة سيدنا القادر بالله محمد صلى الله عليه وسلم ومن في ذمتها ، والنص على ما يعهد الله بسياستها حتى لا تكون مهملة في وقت وإن الحنبة العزيزة الجعفرية مستحقة لولاية العهد بعد الأمد الفسيح الذي نسأل الله أن يطيله ، وأرغب إلى الموقف القادري أن يشد أزر الخلافة بإمضاء العقد المتين لها وصلة اسمها بالاسم العزيز في إقامة الدعوة ، وإنشاء الكتب إلى البلاد بما رأى في ذلك ليكون سيدنا ومولانا أمير المؤمنين بعد الأمد الفسيح قد سلم الأمة إلى راع ، فإن رأت الحضرة الشريفة النبوية الإنعام بالإجابة إلى المرام أنعمت بذلك ، وأصدرت هذه الخدمة يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربعمائة" .
وأتبع هذا بكتاب عن الخليفة يذكر ما قلده الأمير أبا جعفر من ولاية عهده ، فقال فيه: وإن أمير المؤمنين لما تأمل ما وهبه الله تعالى من سلالته أبي جعفر عبد الله وجده شهابا لا يخبوء وخبر من مغيبات أحواله ما لم يزل يستوضحه فولاه عهده .
وفي يوم الاثنين لليلة خلت من رجب قلد أبو محمد بن النسوي النظر في المعونة ، ولقب الناصح ، واستحجب وخلع عليه ، واستدعى جماعة من العيارين ، فأقامهم أعوانا وأصحاب مصالح .
الموصل بتاريخ يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان: أن فضلون الكردي غزا الخزم فقتل منهم وسبى وغنم من أموالهم غنما كثيرا ، [ ص: 208 ] وعاد إلى بلده يقرر أنه [قد] كسر شوكتهم ، وأمن غائلتهم فاتبعوه وكبسوه واستنقذوا الغنائم والسبي من يده ، قتلوا من الأكراد والمطوعة أكثر من عشرة آلاف ، واستباحوا أموالهم . وفي رمضان: ورد الخبر من
وكان ملك الروم قد قصد حلب في ثلاثمائة ألف وكان معه أموال على سبعين جمازة ، فأشرف على عسكره مائة فارس من العرب وألف راجل فظن [الروم] أنها كبسة ، فلبس ملكهم خفا أسود حتى يخفي أمره ، وأفلت وأخذوا من خاصته أربعمائة بغل محملة ثيابا ومالا ، وقتلوا مقتلة كثيرة من رجاله .
ولليلة بقيت من رمضان كان أول تشرين الأول وينقضي أيلول عن حر شديد زاد على حر تموز وحزيران زيادة كثيرة ، وعصفت في اليوم السابع منه ريح سموم تلاها رعد ومطر جود .
وكان في هذه السنة: موتان ببغداد وجرف عظيم في السواد .
وفي سادس شوال: جرت منازعة بين أحد الأتراك النازلين بباب البصرة وبعض الهاشميين ، فاجتمع الهاشميون إلى جامع المدينة ورفعوا المصاحف ، واستنفروا الناس ، فاجتمع لهم الفقهاء والعدد الكثير من الكرخ وغيرها ، وضجوا بالاستغفار من الأتراك وسبهم ، فركب جماعة من الأتراك ، فلما رأوهم قد رفعوا أوراق القرآن على القصب رفعوا بإزائهم قناة عليها صليب ، وترامى الفريقان بالنشاب والآجر وقتل من [الآجر] قوم ثم أصلحت الحال .
وفي ليالي هذه الأيام: كثرت العملات والكبسات بالجانب الشرقي من ورجاله ، وقصدوا درب علية ودرب الربع ، ففتحوا فيها عدة خانيبارات ومخازن ، وأخذوا منها شيئا كثيرا ، وكبسوا عدة دور واستولوا على ما فيها . البرجمي