وفي أول رمضان عمل ابنا الأصبهاني العياران اللذان كانا تابا وحصلا في دار المملكة وخدما في جملة فراشيها ومن في جملتها من العيارين مجانيق مذهبة للخروج إلى زيارة قبر مقابلة لما عمله عيارو مصعب بن الزبير الكرخ في النصف من شعبان من مثلها للخروج إلى زيارة المشهد بالحائر ، ورفعوها وطافوا بالأسواق بها وبين أيديهم البوقات ، ووقفوا بإزاء دار المملكة ومعهم لفيف كثير ، ودعوا للسلطان وأحدث ذلك الكرخ على باب درب الديزج وفي القلائين والصفارين وعند القنطرتين ، وعظمت الفتنة واعترض كل فريق على من يجتاز من أهل محال الفريق الآخر ، وقتلت النفوس وأخذت الأموال ومنع أبناء الأصفهاني من حمل الماء من وقوع القتال بين هذه الطائفة وبين أهل دجلة إلى الكرخ ورواضعه حتى تأذى الناس بذلك ولحقتهم المشقة ، وبيعت الراوية بدرهمين وثلاثة ثم توسط الأمر بين الفئتين فاصطلحتا .
وفي ليلة الأحد سادس عشر رمضان: غرق اللص بفم الدجيل ، أخذه البرجمي معتمد الدولة فغرقه بعد أن بذل مالا كثيرا على أن يترك فلم يقبل منه ، ثم دخل أخو إلى البرجمي بغداد فأخذ أختا له من سوق يحيى وخرج فتبع وقتل .
وفي يوم السبت ثالث عشر شوال: روسل بإحضار العيارين إلى داره وأن يقول لهم: من أراد منكم التوبة قبلت توبته وأقر في معيشته ، ومن أراد خدمة السلطان استخدم مع صاحب البلد ومن أراد الانصراف عن البلد كان آمنا على نفسه ثلاثة أيام . [ ص: 242 ] المرتضى
فعرض ذلك عليهم فقالوا: نخرج فخرجوا وتجدد الاستقفاء والفساد وقلد أبو محمد ابن النسوي المعونة لسكون أهل الكرخ إليه ثم خاف فاستعفى وأظهر التوبة ورد أبو الغنائم بن أبي علي ، وقد حصلت له هيبة شديدة .
وفي ليلة الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة انقض شهاب كبير هال منظره ، فلما جاءت ليلة الجمعة وقت العتمة انقض شهاب كأعظم ما يكون من البرق حتى ملأ ضوءه الأرض وغلب ضوؤه المشاعل ، وروع من رآه ، وتطاول مكثه من وقت انقضاضه إلى وقت انغضاضه زيادة على ما جرت به عادة أمثاله ، وقال من لا يعلم: إن السماء انفرجت لعظم ما شهدوا منه .
وفي ذي الحجة وقع الموت ، فذكر أنه مات في بغداد سبعون ألفا .