ثم دخلت سنة سبع وأربعين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه وصل زورق فيه شراب للبساسيري في ربيع الآخر إلى مشرعة باب الأزج فنزل إليه ابن سكرة الهاشمي وجماعة من أصحاب عبد الصمد فكسروه .
وفي آخر [نهار] يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الآخر: انقض كوكب كبير الجرم فتقطع ثلاث قطع .
وزادت الأسعار بالأهواز فزادت قيمة الكر من الحنطة حتى بلغت ثلاثمائة دينار وبشيراز ألف دينار .
واتصلت الفتن بين أهل باب الطاق وسوق يحيى اتصالا مسرفا وركب صاحب الشرطة والأتراك لإطفاء الفتنة فلم ينفع ذلك وانتقل القتال إلى باب البصرة وأهل الكرخ على القنطرتين . ووقعت بين الحنابلة والأشاعرة فتنة عظيمة حتى تأخر الأشاعرة عن الجمعات خوفا من الحنابلة ، وكان أبو الحارث البساسيري قد أحضر الديوان وأحلف على إخلاص الطاعة ثم إن الأتراك ضجوا بين يديه وذكروا أنه لا يوصل إليهم حقوقهم ثم استأذنوا في ماله وأصحابه فأذن لهم وأطلق رئيس الرؤساء لسانه فيه وذكر قبح أفعاله وأنه كاتب صاحب مصر وخلع ما في عنقه للخليفة وعدد ما كان مطويا في قلبه . ثم سئل الخليفة فيه فقال ليس الآن إهلاكه . [ ص: 348 ]
أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا أبو بكر بن علي الخطيب قال كان أرسلان التركي المعروف بالبساسيري قد عظم أمره واستفحل لعدم نظرائه من متقدمي الأتراك فاستولى على البلاد وطار اسمه وتهيبته أمراء العرب والعجم ودعي له على كثير من المنابر العراقية والأهواز ونواحيها وجبي الأموال ولم يكن القائم بأمر الله يقطع أمرا دونه ثم صح عند الخليفة سوء عقيدته وشهد عنده جماعة من الأتراك أن البساسيري عرفهم وهو إذ ذاك بواسط عزمه على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة فكاتب الخليفة أبا طالب محمد بن ميكائيل المعروف بطغرلبك أمير الغز وهو بنواحي الري يستنهضه على المسير إلى العراق وانفض أكثر من كان مع البساسيري وعادوا إلى بغداد ثم أجمع رأيهم على أن قصدوا دار البساسيري وهي في الجانب الغربي في الموضع المعروف بدرب صالح بقرب الحريم الظاهري فأحرقوها وهدموا أبنيتها .
ووصل إلى طغرلبك بغداد في رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة ومضى على البساسيري الفرات إلى الرحبة وتلاحق به خلق كثير من الأتراك البغداديين وكاتب صاحب مصر يذكر له كونه في طاعته وأنه على إقامة الدعوة له بالعراق فأمده بالأموال وولاه الرحبة .
قال المصنف: ولما قرب طغرلبك وانتشر عسكره في طريق خراسان فانزعج الناس وشملهم الخوف ودخل إلى الحريم أهل السواد ثم ورد رسوله إلى الديوان في نحو ثلاثين من الغز وانزعج العسكر وركبوا بالسلاح فسلم الرسول كتابا يتضمن الدعاء والثناء وأنه قصد الحضرة الشريفة للتبرك بمشاهدتها والمسير بعد ذلك إلى الحج وعمارة طريقه والانتقال إلى قتال أهل الشام [وكل معاند] ثم خطب لطغرلبك ثم للمسمى بالملك الرحيم من بعده . ثم خرج رئيس الرؤساء لتلقي السلطان معه الموكب فلقيه حاجب السلطان في جماعة من الترك ومعه شهري فقدمه إليه وقال: هذا الفرس من مراكب السلطان الخاصة وقد رسم ركوبك أياما فنزل عن بغلته وركبه وجاء بعده عميد [ ص: 349 ] الدولة أبو نصر الكندري وزير السلطان فاستقبله ورام أن يترجل [له] فمنعه وتعانقا على ظهور دوابهما وتمما إلى النهروان ولقي السلطان فذكر له ما يصلح ذكره عن الخليفة فشكر وأومأ إلى تقبيل الأرض وقال: ما وردت إلا منصرفا عن الأوامر السامية وممتثلا للمراسم العالية ومتميزا عن ملوك خراسان بالدنو من هذه الخدمة الشريفة ومنتقما من أعدائها وسائرا إلى بلاد الشام لفتحها وإصلاح طريق الحج . فقال له رئيس الرؤساء: إن الله تعالى أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك منه ببعضها وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة وسأله في الملك الرحيم أن يجريه مجرى أولاده فأعطاه يده ثم استأسره بعد ذلك وقطعت خطبته سلخ رمضان هذه السنة وحمل إلى القلعة فاعتقل فيها اعتقالا جميلا .
[قال المصنف]: فطغرلبك أول ملك من الترك السلجوقية وهو الذي بنى لهم الدولة والمسمى بالملك الرحيم كان آخر أمراء الديلم وملوك بني بويه .
وفي رمضان: قبض على أبي الحسن سعيد بن نصر النصراني كاتب وختم على ماله وخزانته بدار الخلافة وغيرها . البساسيري