وفي يوم الجمعة لخمس بقين من شوال: الأشعرية يقال له: البكري إلى جامع المنصور ومعه الفضولي الشحنة والأتراك والعجم بالسلاح فوعظ ، وكان هذا عبر قاص من البكري فيه حدة وطيش ، وكان النظام قد أنفذ فتلقاه ابن القشيري الحنابلة بالسب ، وكان له عرض فائق من هذا فأخذه النظام إليه ، وبعث إليهم هذا الرجل ، وكان ممن لا خلاق له ، فأخذ يسب الحنابلة ويستخف بهم ، وكان معه كتاب من النظام يتضمن الإذن له في الجلوس في المدرسة ، والتكلم بمذهب الأشعرية ، فجلس في الأماكن كلها ، وقال: لا بد من جامع المنصور . فقيل لنقيب النقباء ، فقال: لا طاقة لي بأهل باب البصرة فقيل: لا بد من مداراة هذا الأمر . فقال: ابعثوا إلى أصحاب الشحنة ، فأقام على كل باب من أبواب الجامع تركيا ، ونادى من باب البصرة وتلك الأصقاع دعوا لنا اليوم الجامع ، فمنعهم من الحضور ، وحضر الفضولي الشحنة والأتراك والعجم بالسلاح ، وصعد المنبر وقال: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ما كفر وإنما أصحابه ، فجاء الآجر فأخذ النقيب قوام الجامع ، وقال: هذا من أين؟ فقالوا: إن قوما من أحمد بن حنبل ، الهاشميين تبطنوا السقف وفعلوا هذا .
وكان الحنابلة يكتبون إليه العجائب فيستخف بهم في جوابها ، واتفق أنه عبر إلى قاضي القضاة أبي عبد الله في يوم الأحد ثالث عشر شوال فاجتاز في نهر القلائين ، فجرى بين أصحابه وأصحاب أبي الحسين بن الفراء سباب وخصام ، فعاد إلى العميد وأعلمه [ ص: 225 ] بذلك ، فبعث من وكل بدار ابن الفراء ونهبت الدار ، وأخذ منها كتاب "الصفات" وجعله العميد بين يديه يقرئه لكل من يدخل إليه ويقول: أيجوز لمن يكتب هذا أن يحمى أو يؤوى في بلد؟
قال المصنف: قرأت بخط ابن عقيل: أنه لما أنفذ نظام الملك بأبي نصر ابن القشيري تكلم بمذهب أبي الحسن ، فقابلوه بأسخف كلام على ألسن العوام ، فصبر لهم هنيئة ، ثم أنفذ البكري سفيها طرقيا شاهد أحواله الإلحاد ، فحكى عن الحنابلة ما لا يليق بالله سبحانه ، فأغرى بشتمهم وقال: هؤلاء يقولون لله ذكر فرماه الله في ذلك العضو بالخبيث فمات .
وفيها: ملك شاه أخاه تكش ، فأسره ثم من عليه . حارب