ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
[ورود يوسف بن أبق إلى بغداد]
ورود يوسف بن أبق التركماني إلى بغداد في صفر ، أنفذه تاج الدولة أبو سعيد تتش بن محمد ألب أرسلان؛ لإقامة الدعوة له ، فأخرج إليه من الديوان حاجب ، فلما لقيه ضربه وأراد خروج الوزير ، فعلم أنه طالب مكيدة ، ودخل بغداد فاستدعى سيف الدولة صدقة بن منصور وكان نافرا من تاج الدولة ، ولم يغير الخطبة في بلاده لبركيارق لما غيرها الديوان ، فخيم سيف الدولة بباب الشعير ، فرحل ابن أبق فنهب باجسرى ، وقرر على شهربان ثلاثة آلاف دينار ، ونهب طريق خراسان ، فقال الوزير لحاجبه: قل للورامية: استلئموا بسدفة -يريد: البسوا السلاح في ظلمة الليل- فقال لهم الحاجب: قال لكم مولانا: ناموا في الصفة .
فقال ورام بن أبي فراس: فكأنا برحنا من الصفة . فعاد الحاجب فقال له الوزير: ما الذي قلت؟ فأخبره ، فضحك ، وقال: شر المصائب ما يضحك .
ثم إن الخليفة استدعى ابن أبق ، فدخل ، فقبل الأرض خارج الحلبة ، ونزل بدار المملكة ، واستعد أهل بغداد السلاح وتحارسوا؛ لأنه كان عازما على نهب بغداد ، فوصل أخو يوسف فأخبره بقتل تاج الدولة ، فانهزم قاصدا إلى حلب .
وكانت الوقعة بين تاج الدولة وبركيارق يوم الأحد سابع عشر صفر سنة ثمان وثمانين بموضع بقرب الري ، وكان تاج الدولة في القلب فقتل في أول من قتل .
[ ص: 16 ]
وفي يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الأول: خطب لولي العهد أبي منصور الفضل بن المستظهر بالله ، ولقب عمدة الدين .