ثم دخلت سنة عشر وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وقوع النار في حضائر الحطب]
أنه وقعت النار في حضائر الحطب ، ودكاكين الحطب التي على دجلة ، وأكلت النار الأعواد الكبار وجذوع النخل ، وتطاير النار إلى دروب باب المراتب فأحرق كنائسها ، واحترقت الدور التي بدرب السلسلة ، والدور الشارعة على دجلة ، من جملتها دار نور الهدى أبي [طالب] الحسين بن محمد الزينبي ، ورباط بهروز الذي بناه للصوفية ، ودار الكتب التي بالنظامية إلا أن الكتب سلمت ، وحملها الفقهاء إلى مكان يؤمن فيه من النار ، وهذا الحريق كان بين العشائين .
[إقامة السلطان ببغداد طول السنة]
وأقام السلطان طول السنة ببغداد ، وقد كانت عادته المقام بباب همذان في زمان الصيف ، وأجرى النهر البارع من نهر الجبل إليها ، ورحل إلى النهروان ، وبعث إلى الخليفة بغلة وأربعة أرؤس من خيل ، وألف دينار مغربية مثقبة ، وخمسة أمناء كافورا ، ومثلها مسكا ، وأربعين ثوبا سقلاطون ، وطلب من الخليفة شيئا من ملبوسه ولواء ومصحفا .
[ ص: 146 ]
وفي جمادى الأولى من هذه السنة: رتب القاضي أبو العباس الرطبي على باب النوبي إلى جانب حاجب الباب ، وخلع عليه بعد ذلك خلعة جميلة .
وفيها: دخل أمير الجيوش إلى مكة قاهرا لأميرها مذلا له ، قال ابن عقيل:
فحكى لي أمير الجيوش أنه دخل إلى مكة بخفق البنود وضرب الكوسات؛ ليذل السودان وأميرهم . قال: وحكاه لي متبجحا بذلك ذاهلا عن حرمة المكان ، فسمعته منه متعجبا ، وشهد قلبي أنه آخر أمره لتعاظم الكعبة عندي ، وقلت لما رجعت إلى بيتي: أنظر إلى جهل هذا الحبشي ، ولم ينبهه أحد ممن كان معه من عالم بالشرع أو بالسير ، وذكرت قوله: فلما أعطاهم ما أرادوا أطلقت ناقته ، وقد صين المسجد عن إنشاد ضالة حتى قيل لطالبها: «لا وجدت» فكيف بحبشي يجيء بدبادبه معظما لنفسه؟! فلم يعد إليها ، وأعقبه الله [سبحانه] النكال والاستئصال . «خلأت القصواء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل حبسها حابس الفيل»