[ ص: 8 ] ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها .
أنه أبو نصر المظفر بن محمد بن جهير نقل من أستاذية الدار إلى الوزارة . استوزر
ووصل إلى بغداد رجل أظهر الزهد والنسك ، وأقام في قرية السلطان بباب بغداد ، فقصده الناس من كل جانب ، واتفق أن بعض أهل السواد دفن ولدا له قريبا من قبر السبتي ، فمضى ذلك المتزهد فنبشه ودفنه في موضع ، ثم قال للناس في بعض الأيام : اعلموا أنني قد رأيت في المنام ومعه عمر بن الخطاب فسلمت عليهما وسلموا علي ، وقالا لي : إن في هذا الموضع صبيا من أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وخطا لي المكان وأشار إلى ذلك الموضع ، فحفروه فرأوا الصبي وهو أمرد فمن وصل إلى قطعة من أكفانه فكأنه قد ملك الملك ، وخرج أرباب الدولة علي بن أبي طالب وأهل بغداد وانقلب البلد وطرح في الموضع دساتيج ماء الورد والبخور ، وأخذ التراب للتبرك ، وازدحم الناس على القبر حتى لم يصل أحد من كثرة الزحام ، وجعل الناس يقبلون يد الزاهد وهو يظهر التمنع والبكاء والخشوع ، والناس [ ص: 9 ] تارة يزدحمون عليه وتارة يزدحمون على الميت [وبقي الناس على هذا أياما ] والميت مكشوف يبصره الناس ، ثم ظهرت رائحته وجاء جماعة من أذكياء بغداد فتفقدوا كفنه فوجدوه خاما ووجدوا تحته حصيرا جديدا فقالوا : هذا لا يمكن أن يكون على هذه الصفة منذ أربعمائة سنة فما زالوا ينقبون عن ذلك حتى جاء السوادي فأبصره ، وقال : هذا والله ولدي وكنت دفنته عند السبتي ، فمضى معه قوم إلى المكان فرأوا القبر قد نبش وليس فيه ميت ، فلما سمع الزاهد ذلك هرب فطلبوه ووقعوا به فأخذوه فقرروه فأقر أنه فعل ذلك حيلة . فأخذ وأركب حمارا وشهر ، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة .
وفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر : نفذ السلطان مسعود كأسا لبهروز ليشربه فشربه وعلقت بغداد ، وعمل سماعا عظيما في دار البرسقي ، فحضر عنده أرباب الدولة وحضر جميع القيان ، وأظهر الناس الطبول والزمور والفساد والخمور .
واعترض على شيخ الشيوخ إسماعيل وقيل له لا تدخل ولا تخرج ولا يقربك أحد من أبناء الدنيا لأجل قربه من الوزير الزينبي .
وفي ربيع الآخر : أخذ المغربي الواعظ مكشوف الرأس [إلى باب النوبي ] لأنه وجد في داره خابية نبيذ مدفونة وآلات اللهو من عود وغيره ، فحبس وانهال عليه الناس يسبونه ، وكان ينكر ذلك ويقول : إن امرأته مغنية والآلات لها وما علمت .
وفي جمادى الآخرة عزل جماعة من المعدلين ابن غالب ، وأحمد بن [ ص: 10 ] الشارسوكي ، وابن جابر ، وابن شافع ، وابن الحداد ، وابن الصباغ ، وابن جوانوه ، ثم عزل آخرون فقارب عدد الكل ثلاثين .
وفي شوال : فتحت المدرسة التي بناها صاحب المخزن بباب العامة ، وجلس للتدريس فيها أبو الحسن ابن الخل ، وحضر قاضي القضاة الزينبي وأرباب الدولة والفقهاء ، وحضرت مع الجماعة ووصل في ذي القعدة رسول من عند سنجر ومعه البردة والقضيب فسلمه إلى . المقتفي