[ ص: 17 ] ثم دخلت سنة ست وثلاثين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها :
أنه إبراهيم السهولي رئيس الباطنية ، فأحرقه ولد عباس شحنة الري في تابوته . مات
وفيها : دخل خوارزم شاه مرو وفتك فيها مراغمة لسنجر حين تمت عليه الهزيمة ، وقبض على أبي الفضل الكرماني متقدم الحنفيين ، وعلى جماعة من الفقهاء .
وفيها : عمل بثق النهروان ، وخلع بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي وعمائم قصب مذهبة وبنى عليه قرية سماها المجاهدية ، وبنى لنفسه تربة هناك ، ووصل السلطان عقيب فراغه وجريان الماء في النهر فقعد هو والسلطان في سفينة وسارا في النهر المحفور ، وفرح السلطان بذلك وقيل إنه عاتبه في تضييع المال فقال له : قد أنفقت عليه سبعين ألف دينار ، أنا أعطيك إياها من ثمن التبن وحده .
ثم إنه عزله من الشحنكية وولي قزل : فظهر من العيارين ما حير الناس ، وذاك أن كل قوم منهم احتموا بأمير فأخذوا الأموال وظهروا مكشوفين ، وكانوا يكبسون الدور بالشموع ، ويدخلون الحمامات وقت السحر فيأخذون الأثواب ، وكان ابن الدجاجي [ ص: 18 ] جالسا ليلة بالحربية فكبسوها وأخذوا عمامته ، ودخلوا إلى خان بسوق الثلاثاء بالنهار ، وقالوا : إن لم تعطونا أحرقنا الخان ، ولبس الناس السلاح لما زاد النهب ، وأعانهم وزير السلطان ، فظهروا وقتلوا المصالحة ، وزادت الكبسات حتى صار الناس لا يظهرون من المغرب ، ثم إن السلطان أطلق الناس في العيارين فتتبعوا ودخل مسعود إلى داره ، ومضى إليه الوزير يوم الثلاثاء خامس عشرين ربيع الأول من هذه السنة ، ودخل الوزير ابن جهير إلى السلطان مسعود وسأله أن يسأل أمير المؤمنين أن يرضى عنه ويعيده إلى داره فسلمه إلى وزيره ، وقال له : تمضي إلي [وتسأل ] أمير المؤمنين بشفاعتي وأخذه صحبته إلى داره التي في الأجمة وأقام عنده أياما والرسل تردد بينه وبين أمير المؤمنين والساعي في ذلك صاحب المخزن وأمير المؤمنين يعد ذنوبه ومكاتباته وإساءاته ومضى الوزير في الشفاعة ، وجعل يقول : يا مولانا ما زالت العبيد تجني والموالي تعفو وقد اتصل السؤال من جانبي سنجر ومسعود فأجاب وعفا عنه . ابن طراد
فلما كان يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول ركب الوزيران في الماء وجميع الأمراء والخدم والخواص ويرنقش الزكوي ودخلوا من باب الشط فقعدوا في بيت النوبة واستأذنوا فأذن لوزير السلطان وحده فدخل وقبل الأرض ووقف بين يدي أمير المؤمنين ، وقال : يا مولانا السلطان سنجر يسأل ويتضرع إلى أمير المؤمنين في قبول الشفاعة في الزينبي وكذلك مسعود يقبل الأرض ويقول له حق خدمة وإن كان بدا منه سيئة فقد قال الله تعالى : إن الحسنات يذهبن السيئات وقال : وليعفوا وليصفحوا ورأي أمير المؤمنين في ذلك أعلى فأخذ أمير المؤمنين يعدد سيئاته ، ثم قال : عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه ، وقد أجبت السلطانين إلى سؤالهما وعفوت عنه ثم أذن له فدخل هو والأمراء فوقفوا وراء الشباك وكشفت الستارة فقبلوا الأرض بين يديه [ ص: 19 ] ثم مضى إلى داره وعاد الوزير إلى مسعود فأخبره بما جرى .
وفي جمادى الأولى في كانون الأول : أوقدت النيران على السطوح ببغداد ثلاث [ليال ] وضربت الدبادب والبوقات حتى خشي على البلد من الحريق ، فنودي في الليلة الرابعة بإزالته .
وفي جمادى الآخرة : ورد الخبر سنجر وبين كافر ترك ، وكانت الوقعة بالوقعة التي جرت بين فيما وراء النهر وبلغت الهزيمة إلى ترمذ وأفلت سنجر في نفر قليل فدخل إلى بلخ في ستة أنفس ، وأخذت زوجته وبنت بنته زوجة محمود ، وقتل من أصحاب سنجر مائة ألف أو أكثر ، وقيل إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفا كلهم صاحب عمامة وأربعة آلاف امرأة وكان سنجر قد قتل أخا خوارزم شاه فبعث خوارزم إلى كافر ترك ، وكان بينهما هدنة وقد تزوج إليه فسار إليه في ثلاثمائة ألف فارس ، وكان هو معه مائة ألف فارس ، فضربوا على سنجر فلم تر وقعة أعظم منها وكانت في محرم هذه السنة ، [وقيل في صفر ] .