ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها :
أن سليمان شاه بن محمد استدعي يوم الجمعة خامس عشر المحرم إلى باب الحجرة فجاء في الماء وخرج أهل بغداد للفرجة ، فلما حضر أحلف على النصح والموافقة ولزوم الطاعة ، وأنه لا يتعرض للعراق بحال ووعده بالخطبة .
فلما كان يوم الجمعة تاسع عشر المحرم خطب له بعد سنجر ولقب بألقاب أبيه ونثر على الخطيب الدراهم والدنانير فلما كان يوم السبت رابع عشر صفر أخرج الخليفة السرادق والأعلام ، فلما كان صبيحة الاثنين سادس عشر صفر بعث إلى سليمان فأحضر باب الحجرة وخلع عليه وتوج وسور وأحلف على ما ذكر أيمانا كثيرة وقرر بأن العراق للخليفة ولا يكون لسليمان إلا ما فتحه من بلاد خراسان وأعطي الفرس والمركب وأسرج له الزبزب وركب في الماء وكان الناس في السميريات يتفرجون حتى تعذرت السفن ، وبعث الخليفة إليه عشرين ألف دينار ومائتي كر وخلع على الأمراء الذين معه ثم رحل وضرب في النهروان وتبعه العساكر وبعث إلى الخليفة : ما أرحل حتى أراك فيقوى قلبي ، فخرج الخليفة في غرة ربيع الأول فرحل معه منازل وهو يتقدم إلى أن وصلوا حلوان ونفذ معه العسكر وعاد .
وفي ربيع الآخر : خلي سبيل أبي البدر ابن الوزير من القلعة ، وكان بين أخذه [ ص: 107 ] وإطلاقه ثلاث سنين وأربعة أشهر ، وخرج أخوه والموكب فاستقبلوه ، وكان يوما مشهودا .
وفي سلخ ربيع الآخر : ببغداد ودام أياما فوقع بدرب فراشا ودرب الدواب ودرب اللبان وخرابة ابن جردة والظفرية والخاتونية ودار الخلافة وباب الأزج وسوق السلطان وغير ذلك . كثر الحريق
وفي رجب : خرج الخليفة إلى ناحية الدجيل ، وكان قد تولى حفره ابن جعفر صاحب الديوان ثم رجع وعاد فخرج فأبصر الأنبار وسار في أسواقها ودروبها [ثم رجع ] وعاد متصيدا .
وجاءت الأخبار بأن ملك شاه ابن أخي سليمان شاه قد انضاف إليه وأنهم اتصلوا بألدكز وتحالفوا فلما سمع بذلك محمد شاه سار إليهم وضرب معهم مصافا فانهزموا بين يديه وتشتت العسكر ووصل من عسكر الخليفة إلى بغداد نحو خمسين فارسا بعد أن كانوا ثلاثة آلاف ولم يقتل منهم أحد إنما أخذت خيولهم وأموالهم وتشتتوا وجاءوا عراة ، وجاء الخبر أن سليمان شاه انفصل عن ألدكز وجاء يقصد بغداد على طريق الموصل وكان عاجزا عن حسن التدبير فهان في عيون أهل الأطراف فخرج علي كوجك أمير الموصل فقبض عليه ورقاه إلى القلعة في رمضان هذه السنة وبعث إلى محمد شاه يقول له قد قبضت عليه فتعال تسلمه وإن أردت أن تقصد بغداد فأنا ألحق بك ، فسار محمد شاه يقصد بغداد فوصل إلى ناحية بعقوبا وبعث إلى علي كوجك فتأخر عنه ، وانزعجت بغداد وأحضرت العساكر وخرج الوزير يستعرض العسكر وذلك في مستهل ذي الحجة فلما أقبل محمد شاه إلى بغداد اضطربت عساكر العراق على الخليفة فعصى بدر بن المظفر صاحب البطيحة وأرغش صاحب البصرة .
وفي رجب هذه السنة : أخرج الوزير شرف الدين الزينبي من داره وقلع من قبره فحمل إلى الحربية في الماء ليلا بعد أن أحضر الوعاظ فتكلموا قبل قلعه من داره من أول الليل ، وعبرت معه الأضواء الكثيرة [والخلق الكثير ] .
[ ص: 108 ] واتفق أن رجلا يقال له أبو بكر الموصلي قص ظفره فحاف عليه فخبثت يده ومات .