وفيها قدم وفد [بني] عامر بن صعصعة
روي عن عن محمد بن إسحاق ، قال: عاصم بن عمر بن قتادة ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفد بني عامر ، فيهم: عامر بن الطفيل ، وأربد بن قيس ، وحيان بن سليم ، وهؤلاء الثلاثة رؤساء القوم ، وقد كان قال لعامر قومه: أسلم فإن الناس قد أسلموا ، قال: والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي ، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى ، ثم [ ص: 4 ] قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فأنا أشغل وجهه عنك ، فاعله بالسيف . فلما قدموا [على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] ، جعل عامر يكلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وينتظر من أربد ما أمره به ، فلم يحر شيئا ، فقال له: والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ، فلما ولى ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم اكفني عامر بن الطفيل" ، فقال عامر لأربد: ويلك ، أين ما أوصيتك به؟
قال: والله ما هممت بالذي أمرتني إلا دخلت بيني وبين الرجل [حتى ما أرى غيرك] أفأضربك بالسيف .
وخرجوا راجعين إلى بلادهم ، فبعث الله الطاعون على عامر في بعض طريقهم فقتله الله في بيت امرأة من [بني] سلول ، فجعل يقول: أغدة كغدة البعير ، وأرسل على أربد صاعقة فأحرقته ، وكان أربد أخا لبيد بن ربيعة من أمه .
وروى بإسناده ، الزبير بن بكار عامر بن الطفيل أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوسده وسادة ، وقال له: "أسلم يا عامر" قال: على أن لي الوبر ولك المدر ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقام عامر مغضبا وقال: والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ، ولأربطن بكل نخلة فرسا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لو أسلم وأسلمت بنو عامر لراحمت قريشا في منابرها" . ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال: "يا قوم آمنوا" ، ثم قال: "اللهم اهد بني عامر . واشغل عني عامر بن الطفيل كيف وأنى شئت" ، فخرج فأخذته غدة مثل غدة البعير في بيت سلولية ، فقال: يا موت ابرز لي ، وأقبل يشتد وينزو إلى السماء ، ويقول: غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية . أن
قال الحسن بن علي الحوماري: كان الطفيل بن مالك بن جعفر يكنى أبا علي ، وكان من أشهر فرسان العرب بأسا ونجدة وأبعدها اسما حتى بلغ به ذلك أن قيصر كان قدم عليه قادم من العرب ، قال له: ما بينك وبين عامر بن الطفيل ، فإن ذكر نسبا عظم به عنده .
ولما مات عامر منصرفه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصب عليه بنو عامر نصابا ميلا في ميل حمى على قبره ولا تسير فيه راعية ولا ترعى ولا يسلكه راكب ولا ماش . [ ص: 5 ]
وفيها: كان قد خرج ابن أبي مارية مولى العاص بن وائل في تجارة إلى الشام ، وصحبه تميم الداري ، وعدي بن بدا ، وهما على النصرانية ، فمرض ابن أبي مارية وقد كتب وصيته وجعلها في ماله ، فقدموا بالمال والوصية ، ففقدوا جاما أخذه تميم وعدي ، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد العصر ثم ظهر عليه فحلف عبد الله بن عمرو بن العاص ، والمطلب بن وداعة واستحقا