932 - ، إسماعيل بن زكريا بن مرة ، أبو زياد الخلقاني مولى أسد بن خزيمة يلقب شقوصا .
كوفي الأصل ، سمع إسماعيل بن أبي خالد ، وأبا إسحاق وغيرهم وكان ثقة . والأعمش
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] ابن ثابت قال: أخبرني الأزهري قال: [ ص: 346 ]
حدثنا محمد بن عباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا [الحسين] بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال إسماعيل بن زكريا: كان تاجرا في الطعام وغيره ، وهو من أهل الكوفة ، نزل بغداد في ربض حميد بن قحطبة ومات بها في أول سنة ثلاث وسبعين ومائة ، وهو ابن خمس وستين سنة .
933 - الخيزران جارية المهدي .
اشتراها فأعتقها وتزوجها ، فولدت له الهادي ولم تلد امرأة خليفتين غير ثلاث نسوة هي إحداهن ، والثانية والرشيد ، ولادة العنسية بنت العباس زوجة عبد الملك بن مروان أم الوليد وسليمان ، والثالثة: شاهقيريذ بنت فيروز بن يزدجرد ولدت للوليد بن عبد الملك إبراهيم ويزيد فوليا الخلافة .
وقد أسندت الحديث ، عن ، عن أبيه ، عن جده عن المهدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن عباس "من اتقى الله وقاه الله كل شيء" .
أخبرنا أحمد بن علي المحلي قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني أبو القاسم الصيدلاني قال: حدثنا علي بن محمود الكاتب قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين الطويل قال: حدثني هارون بن عبيد الله بن المأمون قال: لما عرضت الخيزران على قال لها: والله يا جارية إنك لعلى غاية التمني ، ولكنك خمشة الساقين ، فقالت يا مولانا ، إنك أحوج ما تكون إليهما لا تراهما ، فقال اشتروها فحظيت عنده ، فأولدها المهدي موسى وهارون .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي ابن ثابت قال: أخبرني الأزهري والحسن بن أبي طالب وأنبأنا أحمد بن علي بن المقرئ قال: أخبرنا قالوا: حدثنا أبو محمد الصريفيني عبيد الله بن أحمد بن علي المقري قال: حدثنا علي بن [ ص: 347 ] محمد بن أبي الجهم قال: حدثني علي بن الطويل قال: حدثني سليمان بن محمد ، عن قال: دخلت يوما إلى الواقدي فدعا بمحبرته ودفتره ، وكتب عني أشياء حدثته بها ، ثم نهض وقال: كن بمكانك حتى أعود إليك ، ودخل إلى دار الحرم ثم خرج متنكرا ممتلئا غيظا ، فلما جلس: قلت يا أمير المؤمنين خرجت على خلاف الحال التي دخلت عليها؟ قال: نعم دخلت على المهدي الخيزران فوثبت إلي ومدت يدها إلي وخرقت ثوبي ، وقالت: يا قشاش ، وأي خير رأيت منك؟ وإنما اشتريتها من نخاس ورأت مني ما رأت وعقدت لابنيها ولاية العهد ويحك وأنا قشاش؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهن يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام" وقال: ، وقال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" . وحدثته في هذا الباب بكل ما حضرني ، فسكن غضبه ، وأسفر وجهه ، وأمر لي بألفي دينار ، وقال: أصلح بهذه من حالك ، وانصرفت ، فلما وصلت إلى منزلي وافاني رسول "خلقت المرأة من ضلع أعوج إن قومته كسرته" الخيزران ، فقال: تقرأ عليك ستي السلام ، وتقول لك: يا عم قد سمعت جميع ما كلمت به أمير المؤمنين ، فأحسن الله جزاك ، وهذه ألفا دينار إلا عشرة دنانير بعثت بها إليك لأني لم أحب أن أساوي صلة أمير المؤمنين ووجهت إلي بأثواب .
أخبرنا قال: أخبرنا ابن ناصر أحمد بن علي البسري ، عن قال: حدثنا أبي عبد الله بن بطة أبو علي بن الحسين بن القاسم قال: حدثنا أبو الفضل بن الربعي قال:
حدثني أبي قال: سأل رجل الخيزران حاجة ثم أرسل إليها بهدية فأجابته: إن كان ما وجهت به من هديتك ثمنا لرأيي فيك فلقد بخستني القيمة ، وإن كان استزادة فقد استغششتني في المودة وردتها عليه .
وقد حكى نحوه فقال: لما ولي أبو بكر الصولي محمد بن سليمان البصرة أهدى إلى الخيزران مائة وصيف بيد كل وصيف جام من ذهب مملوء مسكا . فقبلت ذلك ، وكتبت إليه: عافاك الله ، إن كان ما وصل إلينا منك ثمن رأينا فيك ، فقد بخستنا في القيمة ، وإن كان وزن مثلك إلينا فظننا بك فوقه .
قال كتب ابن الأعرابي: إلى المهدي الخيزران وهي بمكة: [ ص: 348 ]
نحن في أفضل السرور ولكن ليس إلا بكم يتم السرور عيب ما نحن فيه من أهل ودي
أنكم غيب ونحن حضور فأجدوا في السير بل إن قدرتم
أن تطيروا مع الرياح فطيروا
قد أتانا الذي وصفت من الشوق فكدنا وما فعلنا نطير
ليت إن الرياح كن تؤدين إليكم ما قد يجن الضمير
لم أزل صبة فإن كنت بعدي في سرور فدام ذاك السرور
وروى أن أخاه حدثه قال: رأيت يحيى بن الحسن يوم ماتت الرشيد الخيزران وعليه طيلسان أزرق قد شد به وسطه وهو آخذ بقائمة السرير حافيا يعدو في الطين حتى أتى مقابر قريش فغسل رجليه ودعا بخف ، فصلى عليها ودخل قبرها ، فلما خرج من المقبرة وضع له كرسي فجلس عليه ، ودعا وقال له: وحق الفضل بن الربيع - وكان لا يحلف بها إلا إذا اجتهد - إني لأهم بالشيء لك من التولية وغيرها فتمنعني أمي فأطيع أمرها ، فخذ الخاتم من المهدي جعفر وولي الفضل نفقات العامة والخاصة وبادوريا والكوفة ، فتمت حاله ، وانصرف من جنازتها يتمثل بقول الرشيد متمم بن نويرة:
كنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن تتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
934 - سعد بن عبد الله بن سعد ، أبو عمر المعافري .
روى عنه ويقال هو الذي أعان عبد الله بن وهب ، ابن وهب على تصنيف كتبه ، وكانت له عبادة وفضل . توفي بالإسكندرية في هذه السنة . [ ص: 349 ]
935 - ، عبد الرحمن بن أبي الموالي ويقال: ابن زيد ابن أبي الموالي ، أبو محمد المدني ، مولى وقيل: مولى علي بن أبي طالب ، أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدث عن محمد بن كعب القرظي ، روى عنه: وابن المنكدر ، الثوري ، وابن المبارك ، وأبو عامر العقدي ، والقعنبي ، وقتيبة ، وكان ثقة .
وتوفي في هذه السنة .
936 - . غادر جارية الهادي
حكى جعفر بن قدامة قال: كان لموسى الهادي جارية يقال لها: غادر ، وكانت من أحسن النساء وجها وغناء ، وكان يحبها حبا شديدا ، فبينا هي تغنيه يوما عرض له فكر وسهو تغير له لونه ، فسأله من حضر عن ذلك ، فقال: وقع في فكري أني أموت ، وأن أخي هارون يلي الخلافة ويتزوج جاريتي هذه ، فقيل له: نعيذك بالله ، ونقدم الكل قبلك ، فأمر بإحضار أخيه وعرفه بما خطر له فأجابه بما يوجب زوال هذا الخاطر ، فقال: لا أرضى حتى تحلف لي إني متى مت لم تتزوجها . فأحلفه واستوفى عليه الأيمان من الحج راجلا ، وطلاق نسائه ، وعتق المماليك ، وتسبيل ما يملكه ، ثم نهض إليها فأحلفها بمثل ذلك فما لبث إلا نحو شهر حتى توفي ، وولي فبعث يخطب الجارية ، فقالت: كيف يميني ويمينك؟ فقال: أكفر عن الكل وأحج راجلا ، فتزوجها وزاد شغفه بها على شغف أخيه حتى إنها كانت تضع رأسها على حجره وتنام ولا يتحرك حتى تنتبه ، فبينا هي ذات يوم على ذلك انتبهت فزعة تبكي ، فسألها عن ذلك ، فقالت: الرشيد
رأيت أخاك الساعة وهو يقول:
أخلفت وعدي بعد ما جاورت سكان المقابر ونسيتني وحنثت في أيمانك الكذب الفواجر
ونكحت غادرة أخي صدق الذي سماك غادر أمسيت في أهل البلاد وغدوت في حور الغرائر
لا يهنك الإلف الجديد ولا تدر عنك الدوائر ولحقت بي قبل الصباح فصرت حيث غدوت صائر
أمه أم حسن بنت جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب [رضي الله عنهم] .
كان من رجال بني هاشم وشجعانهم ، وكان قد ولاه المنصور البصرة والكوفة ، وزوجه بابنته المهدي العباسة ، ونقلها إليه إلى البصرة ، وكان له خاتم من ياقوت أحمر لم ير مثله ، فسقط ليلة من يده [ليلة بنائه بالعباسة] فجعلوا يطلبونه فلم يجدوه ، فقال: أطفئوا الشمع ففعلوا فرأوه ، وكان له خمسون ألف مولى منهم عشرون ألف عتاقة ، وكانت به رطوبة فكان يتداوى بالمسك يستعمل منه كل يوم عشرين مثقالا ويتركه في عكن بطنه ، وأقره على ولايته الهادي وكانت غلته كل يوم مائة ألف درهم . والرشيد ،
وروي عنه حديث مسند لا يعرف له غيره .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل المستملي قال:
حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا العباس بن أبي طالب قال: حدثنا سلمة بن حيان العتكي قال: حدثنا صالح الناجي ، عن محمد بن سليمان قال: حدثني أبي ، عن جدي الأكبر - يعني - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن عباس "امسح على رأس اليتيم هكذا إلى مقدم رأسه ومن له أب هكذا إلى مؤخر رأسه" .
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني قال: أبو القاسم الأزهري
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: لما بويع بالخلافة قدم عليه الرشيد محمد بن سليمان وافدا ، فأكرمه وعظمه وبره وصنع به ما لم يصنع [ ص: 351 ] بأحد ، وزاده فيما كان يتولى من أعمال البصرة وكور دجلة والأعمال المفردة والبحرين وعمان واليمامة ، وكور الأهواز وكور فارس ، ولم تجمع هذه لأحد غيره ، فلما أراد الخروج شيعه إلى الرشيد كلواذى .
وتوفي في جمادى الآخر من هذه السنة ، وسنه إحدى وخمسون سنة وخمسة أشهر ، وأمر بقبض أمواله . الرشيد
وذكر أن ابن جرير: بعث رجلا يصطفي ما خلفه من الصامت ، ورجلا إلى الكسوة ، و[ولي] الفرش والرقيق والدواب والطيب والجوهر ، فجعل لكل آلة رجلا يصطفيها ، فأصابوا له ستين ألف ألف ، وأخرج من خزانته ثيابه التي كان يلبسها كل سنة في زمن الصغر وأخرجوا ما كان يهدى إليه من البلاد حتى الدهن والسمك ، فوجدوا أكثر ذلك فاسدا ، فألقي في الطريق فأنتنت الطريق . الرشيد
وحكى أن الصولي: قبض ما خلفه الرشيد محمد بن سليمان من المال فكان ثلاثة آلاف ألف دينار ، ولم يتعرض للضياع ولا الدور ولا المستغلات ولا الجوهر ولا الفرش ولا العطر ولا الكسوة .
أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو صفوان [قال: حدثنا أبو بكر بن عبيد] قال:
حدثني أبو محمد العتكي قال: حدثني الحسين بن سلام مولى آل سليمان بن علي] قال: لما احتضر محمد بن سليمان بن علي كان رأسه في حجر أخيه جعفر بن سليمان ، فقال جعفر: وانقطاع ظهراه ، فقال محمد: وانقطاع ظهر من يلقى الجبار غدا [والله] ليت أمك لم تلدني ، ليتني كنت حمالا ، وأني لم أكن فيما كنت فيه ، وولى مكانه عمه الرشيد سليمان بن أبي جعفر .
وحكى أن قوما قالوا: كانت وفاة ابن جرير محمد بن سليمان والخيزران في يوم واحد .
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا [ ص: 352 ] محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم المازني قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: بلغني أن جارية من جواري محمد بن سليمان وقفت على قبره فقالت:
أمسى التراب لمن هويت مبيتا ألق التراب فقل له حييتا
إنا نحبك يا تراب وما بنا إلا كرامة من عليه حثيتا
أخبرنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب
أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد قال: حدثنا قال: كان الأصمعي شديد الحب الرشيد لهيلانة ، وكانت قبله ليحيى بن خالد بن برمك ، فدخل يوما إلى يحيى قبل الخلافة فلقيته في ممر فأخذت بكمه فقالت: نحن لا يصيبنا منك يوم ، فقال لها: فكيف السبيل إلى ذلك ، فقالت: تأخذني من هذا الشيخ ، فقال ليحيى: أحب أن تهب لي فلانة فوهبها له حتى غلبت عليه ، وكانت تكثر أن تقول: هي ، إلا أنه ، فسماها هيلانة ، فأقامت عنده ثلاث سنين ثم ماتت ، فوجد عليها وجدا شديدا وأنشد:
قد قلت لما ضمنوك الثرى وجالت الحسرة في صدري
اذهب فلا والله لا سرني بعدك شيء آخر الدهر
يا من تباشرت القبور بموتها قصد الزمان مساءتي فرماك
أبغي الأنيس فلا أرى لي مؤنسا إلا التردد حيث كنت أراك
ملك بكاك وطال بعدك حزنه لو يستطيع بملكه لفداك
[ ص: 353 ] يحمي الفؤاد عن النساء حفيظة كيلا يحل حمى الفؤاد سواك
الخاتمة ، تم الجزء الثامن من كتاب "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي الجوزي غفر الله له .
يتلوه في الجزء التاسع: