1369 - أحمد بن حرب بن عبد الله بن سهل بن فيروز ، أبو عبد الله الزاهد النيسابوري ، وقيل : المروزي .
سمع ، سفيان بن عيينة وأبا عامر العقدي ، في خلق كثير . [و ] كان عالما ورعا متعبدا ، والكرامية تنتحله ، وورد وأبا داود الطيالسي بغداد أيام ، وحدث بها . أحمد بن حنبل
قال : إن لم يكن يحيى بن معين أحمد بن حرب من الأبدال فلا أدري من هم .
أخبرنا قال : أخبرنا أبو منصور القزاز أبو بكر بن ثابت قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم الضبي ، أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي قال : أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال : دخلت على وقد قدم أحمد بن حنبل أحمد بن حرب من مكة ، فقال لي أحمد : من هذا الخراساني الذي قدم ؟ قلت : من زهده كذا وكذا ، ومن ورعه كذا وكذا ، فقال : لا ينبغي لمن يدعي ما يدعيه أن يدخل نفسه في الفتيا .
أخبرنا ، أخبرنا زاهر بن طاهر ، أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال : حدثني أبو العباس عبيد الله بن أحمد الصوفي قال :
حدثني أبو عمرو محمد بن يحيى قال : مر أحمد بن حرب بصبيان يلعبون ، فقال أحدهم : أمسكوا فإن هذا أحمد بن حرب الذي لا ينام الليل قال : فقبض أحمد على لحيته ، وقال : الصبيان يهابونك بأنك لا تنام وأنت تنام . قال : فأحيا الليل بعد ذلك إلى أن توفي لم ينم الليل .
وبلغنا عن أحمد بن حرب أنه قال : المنازل أربعة ، فثلاثة منها مجاز ، والرابع [ ص: 211 ] الحقيقة : عمرنا في الدنيا ، ومكثنا في القبور ، ومقامنا في الحشر ، ومنصرفنا إلى الأبد الذي خلقنا له ، فمثل عمرنا في الدنيا كالمتعشى للحاج لا يطمئنون ولا يحلون الأثقال عن الدواب لسرعة الارتحال ، ومكثنا في القبور مثل أحد المنازل للحاج يضعون الأثقال ويستريحون يوما وليلة ثم يرتحلون ، ومثل مقامنا في الحشر كمقدمهم أمكة يوفون النذور ويقضون النسك ، ثم يتفرقون ، وكذلك القيامة يفترق فيها الناس إلى الجنة أو السعير .
أخبرنا قال : أخبرنا زاهر بن طاهر أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي قال : سمعت أبو عبد الله الحاكم أبا العباس محمد بن أحمد القاضي يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن جعفر الزاهد يقول : سمعت زكريا بن أبي دلويه يقول : رأيت أحمد بن حرب بعد وفاته بشهر في المنام ، فقلت : ما فعل بك ربك ؟ قال : غفر لي وفوق المغفرة . قلت : وما فوق المغفرة ؟ قال : أكرمني بأن يستجيب دعوات المسلمين إذا توسلوا بقبري .
توفي أحمد بن حرب في رجب هذه السنة وهو ابن ثمان وخمسين سنة وأشهر .
1370 - جعفر بن مبشر [بن أحمد ] بن محمد ، أبو محمد الثقفي المتكلم .
أحد المعتزلة البغداديين ، له كتب مصنفة في الكلام ، توفي في هذه السنة .
1371 - زهير بن حرب بن شداد ، أبو خيثمة النسائي .
ولد سنة ستين ومائة .
وحدث عن ، سفيان بن عيينة وهشيم ، ، وابن علية ، وجرير بن عبد الحميد ويحيى بن سعيد ، وخلق كثير . [ ص: 212 ]
روى عنه : ، البخاري ، ومسلم ، وغيرهم . وابن أبي الدنيا
وكان ثقة ثبتا حافظا متقنا . وتوفي في شعبان هذه السنة وهو ابن أربع وسبعين سنة ، وقد قيل : إنه توفي سنة اثنتين وثلاثين وهو غلط .
1372 - سليمان بن داود ، أبو الربيع الزهراني العتكي .
سمع ، مالك بن أنس . وحماد بن زيد
روى عنه ، أحمد بن حنبل وابن المديني ، وكان ثقة . والبغوي
توفي في رمضان هذه السنة بالبصرة .
1373 - سليمان بن داود بن بشر بن زياد ، أبو أيوب المنقري البصري ، المعروف بالشاذكوني .
حدث عن وغيره . حماد بن زيد
وكان حافظا مكثرا ، قدم بغداد ، فجالس الحفاظ وذاكرهم ، ثم خرج إلى أصبهان فسكنها .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا قال : ] أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت أحمد بن عمرو بن روح ، أخبرنا طلحة بن أحمد بن الحسن الصوفي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي مهزول قال : سمعت محمد بن حفص يقول : سمعت عمرا الناقد يقول : ما كان في أصحابنا أحفظ للأبواب من ، ولا أسرد [ ص: 213 ] للحديث من أحمد بن حنبل ابن الشاذكوني ، ولا أعلم بالإسناد من يحيى ما قدر أحد أن يقلب عليه إسنادا قط .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا ، أخبرنا ابن رزق عثمان بن أحمد ، حدثنا قال : سمعت حنبل بن إسحاق أبا عبد الله يقول : كان أعلمنا بالرجال ، وأحفظنا للأبواب يحيى بن معين سليمان الشاذكوني ، وكان أحفظنا للطوال علي .
قال المصنف : قد طعن في [رحمه الله ] جماعة من العلماء ونسبوه إلى الكذب ، وقلة الدين ، فذهبت بتخليطه بركات علمه . الشاذكوني
فقال : قد جالس أحمد بن حنبل الشاذكوني ، حماد بن زيد وبشر بن المفضل ، فما نفعه الله بواحد منهم . ويزيد بن زريع
وقال يحيى : كان يكذب ويضع الحديث وقد جربت عليه الكذب . الشاذكوني
وقال : هو عندي أضعف من كل ضعيف ، وقال البخاري : ليس بثقة . النسائي
وكان عبدان الأهوازي يقول : لا يتهم شاذكوني بالكذب ، وإنما كتبه كانت قد ذهبت ، فكان يحدث فيغلط . [ ص: 214 ] توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة الشاذكوني بأصبهان .
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال : سمعت أبا القاسم يوسف بن الحسن الزنجاني يقول : سمعت أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ يقول : سمعت أبا الحسين بن قانع يقول : سمعت إسماعيل بن طاهر البلخي يقول : رأيت سليمان الشاذكوني في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك يا ؟ فقال : غفر [الله ] لي . قلت : بماذا ؟ قال : كنت في طريق أبا أيوب أصبهان [أمر إليها ] فأخذتني مطرة ، وكانت معي كتب ، ولم أكن تحت سقف ولا شيء ، فانكببت على كتبي حتى أصبحت وهدأ المطر ، فغفر لي الله بذلك .
1374 - علي بن بحر بن بري ، أبو الحسن القطان . فارسي الأصل .
سمع هشام بن يوسف ، . وجرير بن عبد الحميد
روى عنه ، وقال : هو ثقة . توفي أحمد بن حنبل بالبصرة في هذه السنة .
ودون هذا رجل يقال له : علي بن بري ، وليس فيه : "بحر" .
حدث ببغداد أيضا عن ، وروى عنه : سلمة بن شبيب . أبو بكر الشافعي
1375 - علي بن عبد الله بن جعفر بن يحيى بن بكر بن سعد ، أبو الحسن السعدي مولاهم ، ويعرف بابن المديني .
بصري المولد ، كوفي المنشأ ، ولد سنة إحدى وستين ومائة .
وسمع ، حماد بن زيد وهشام بن بشير ، ، وخلقا كثيرا . وسفيان بن عيينة
وكان المقدم على حفاظ وقته ، وكان يقول : والله إني أتعلم من [ ص: 215 ] سفيان بن عيينة أكثر مما يتعلم مني ، ولولاه ما جلست وكذلك كان ابن المديني يحيى بن سعيد يقول : الناس يلوموني في قعودي مع علي ، وأنا أتعلم من علي أكثر مما يتعلم مني .
وكان لا يسميه ، وإنما يكنيه تبجيلا له ، وقال أحمد بن حنبل : ما أستصغر نفسي عند أحد إلا عند البخاري . علي بن المديني
أخبرنا قال : أخبرنا أبو منصور القزاز أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا أبو سعيد الماليني قال : أخبرنا عبد الله بن عدي قال : أخبرنا محمد بن أحمد القرميسيني قال :
سمعت محمد بن يزداد يقول : سمعت أحمد بن يوسف البحيري يقول : سمعت الأعين يقول : رأيت مستلقيا ، علي بن المديني عن يمينه ، وأحمد بن حنبل عن يساره ، وهو يملي عليهما . ويحيى بن معين
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا قال : ] أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال : أخبرنا البرقاني قال : أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي عبد الله بن محمد بن سيار قال : سمعت عباسا العنبري يقول : كان بلغ ما لو قضي له أن يتم على ذلك ، لعله كان يقدم على علي بن المديني ، كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ، ولباسه ، وكل شيء يقول ويفعل ، أو نحو هذا . الحسن البصري
قال المصنف : والذي منع من التمام إجابته في خلق القرآن وميله إلى ابن المديني ابن أبي دؤاد لأجل حطام الدنيا ، فلم يكفه أن أجاب فكان يعتذر للتقية ، وصار يتردد إلى ابن أبي دؤاد ويظهر له الموافقة .
أخبرنا قال : أخبرنا أبو منصور القزاز قال : [ ص: 216 ] أبو بكر [أحمد بن علي ] بن ثابت
أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال : حدثنا محمد بن عمران المرزباني قال :
أخبرنا محمد بن يحيى قال : أخبرنا قال : حدثنا أبي قال : قال الحسين بن فهم ابن أبي دؤاد للمعتصم : يا أمير المؤمنين ، هذا يزعم - يعني - أن الله تعالى يرى في الآخرة ، والعين لا تقع إلا على محدود ، والله لا يحد . فقال أحمد بن حنبل : ما عندك في هذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، عندي ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال : وما قال عليه السلام ؟ قال : حدثنا المعتصم محمد بن جعفر غندر ، حدثنا ، عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : جرير بن عبد الله البجلي . فقال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة أربع عشرة من الشهر ، فنظر إلى البدر ، فقال : "أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر ، لا تضامون في رؤيته" لأحمد بن أبي دؤاد : ما عندك في هذا ؟ قال :
أنظر في إسناد هذا الحديث . وكان هذا في أول يوم ، [ثم انصرف ] ، فوجه ابن أبي دؤاد إلى ، وهو مملق لا يقدر على درهم ، فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم ، وقال له : هذه وصلك بها أمير المؤمنين ، وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه ، وكان له رزق سنتين ، ثم قال : يا علي بن المديني أبا الحسن حديث في الرؤية ما هو ؟ قال : صحيح ، قال : فهل عندك فيه شيء ؟ قال : جرير بن عبد الله
يعفيني القاضي من هذا . فقال : يا أبا الحسن هو حاجة الدهر ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه ولم يزل به حتى قال له : في هذا الإسناد من لا يعتمد عليه ولا على ما يرويه ، وهو ، إنما كان أعرابيا بوالا على قدميه . فقام قيس بن أبي حازم ابن أبي دؤاد إلى فاعتنقه ، فلما كان من الغد ، وحضروا قال ابن المديني ابن أبي دؤاد : يا أمير [ ص: 217 ] المؤمنين ، هذا يحتج في الرؤية بحديث جرير ، وإنما رواه عنه وهو أعرابي بوال على عقبيه . قيس بن أبي حازم
قال أحمد بعد ذلك : فعلمت أنه من عمل . ابن المديني
قال المصنف : وهذا إن صح عن علي [بن المديني ] فإنه إقدام عظيم على الشرع ، فإن قيسا روى عن تسعة من العشرة فإنه لم يرو عن عبد الرحمن وهو من العلماء الثقات الذين لم يطعن فيهم ، خرج عنه ، البخاري في الصحيحين . ومسلم
وكذلك روى لهم في حديث ابن المديني "وكلوه إلى خالقه" وكان قد أخطأ في هذا الحديث عمر ، وإنما هو "وكلوه إلى عالمه" فقال الوليد بن مسلم : أحمد بن حنبل علي يعلم أن الوليد أخطأ فلم روى لهم الخطأ حتى يحتجون به ؟ ! وكان علي إذا جاء حديث عن يقول : اضرب عن هذا ليرضى أحمد بن حنبل ابن أبي دؤاد ، وكان قد سمع من أحمد .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرنا قال : أخبرنا البرقاني أحمد بن محمد الأدمي قال : حدثنا محمد بن علي الإيادي قال : حدثنا قال : قدم زكريا بن يحيى الساجي علي بن المديني البصرة ، فصار إليه بندار ، فجعل يقول : قال أبو عبد الله ، فقال له بندار - على رءوس [ ص: 218 ] الملأ - من ؟ [قال : لا ، ] أبو عبد الله أحمد بن حنبل أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد .
قال بندار : عند الله أحتسب خطئي ، شبه علي هذا ، وغضب وقام .
أخبرنا قال : أخبرنا [أبو منصور ] القزاز قال : أخبرنا [أبو بكر ] بن ثابت علي بن أحمد الرزاز قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال : كان عند قمطر من حديث إبراهيم الحربي ، وما كان يحدث به ، فقيل له : لم لا تحدث عنه ؟ قال : لقيته يوما وبيده نعله وثيابه في فمه ، فقلت : إلى أين ؟ قال : ألحق الصلاة خلف علي بن المديني أبي عبد الله ، فظننت أنه يعني فقلت : من أحمد بن حنبل أبو عبد الله ؟
قال : أبو عبد الله بن أبي دؤاد ، فقلت : والله لا حدثت عنك بحرف .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا الحسين بن علي الصيمري وأحمد بن علي التوزي قالا : حدثنا محمد بن عمران بن موسى قال : حدثنا أبو بكر الجرجاني قال : حدثنا قال : دخل أبو العيناء على علي بن المديني أحمد بن أبي دؤاد بعد أن جرى من محنة ما جرى ، فناوله رقعة وقال : هذه طرحت في داري ، [فقرأها ] فإذا فيها : أحمد بن حنبل
يا ابن المديني الذي شرعت له دنيا فجاد بدينه لينالها ماذا دعاك إلى اعتقاد مقالة
قد كان عندك كافر من قالها أمر بدا لك رشده فقبلته
أم زهرة الدنيا أردت نوالها فلقد عهدتك لا أبا لك مرة
صعب المقالة للتي تدعى لها إن الحريب لمن يصاب بدينه
لا من يرزئ ناقة وفصالها
توفي ابن المديني بسامراء في ذي القعدة من هذه السنة ، وقيل : في سنة خمس وثلاثين ، ولا يصح .
1376 - يحيى بن أيوب ، أبو زكريا العابد ، المعروف بالمقابري .
ولد سنة سبعة وخمسين ومائة . سمع شريكا ، وإسماعيل بن جعفر ، وغيرهم . وابن علية
روى عنه : ، أحمد بن حنبل ، ومسلم بن الحجاج ، وكان ثقة ورعا من خيار عباد الله . والبغوي
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا الحسن بن أبي طالب قال : حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال : حدثنا قال : حدثنا محمد بن مخلد العباس بن محمد بن عبد الرحمن الأشهلي قال : حدثني أبي قال : مررت بالمقابر فسمعت همهمة ، فاتبعت الأثر ، فإذا يحيى بن أيوب في حفرة من تلك الحفر ، وإذا هو يدعو ويبكي ويقول : يا قرة عين المطيعين ! ويا قرة عين العاصين ! ولم لا تكون [ ص: 220 ] قرة عين المطيعين وأنت مننت عليهم بالطاعة ، ولم لا تكون قرة عين العاصين وأنت سترت عليهم الذنوب . قال : ويعاود البكاء ، قال : فغلبني البكاء ، ففطن بي ، فقال لي :
تعال لعل الله تعالى إنما بعث بك الخير .
توفي يحيى في ربيع الأول من هذه السنة . [ ص: 221 ]