قبحتم يا آل زيد نفرا ألأم قوم أصغرا وأكبرا
أي صغيرا وكبيرا ومنه قولهم نصيب أشعر الحبشة أي شاعرهم إذ لا شاعر فيهم غيره ومنه عند جماعة قوله تعالى { وهو أهون عليه } أي هين إذ المخلوقات كلها ممكنات والممكنات كلها متماثلات من حيث هي ممكنة لتعلق الجميع بقدرة واحدة فوجب أن يستوي الجميع في نسبة الإمكان ، والقول بترجيح بعضها بلا مرجح ممتنع فلا يكون شيء أكثر سهولة من شيء .وزيد الأحسن والأفضل أي الحسن والفاضل ويقال لأخوين مثلا زيد الأصغر وعمرو الأكبر أي الصغير والكبير وعلى هذا المعنى يوسف أحسن إخوته أي حسنهم فالإضافة للتوضيح والبيان مثل " شاعر البلد " وأما أبعد الأجلين وأقصى الأجلين إذا كانا بعيدين فمن القسم الأول ، وإن كان أحدهما قريبا والآخر بعيدا فهو مثل " زيد الأكبر وعمرو الأصغر " وشبهه .
[ ص: 710 ] وقال ابن السراج : أيضا ويراد بأفعل معنى فاعل فيثنى ويجمع ويؤنث فتقول زيد أفضلكم والزيدان أفضلاكم والزيدون أفضلوكم وأفاضلكم وهند فضلاكم والهندان فضلياكم والهندات فضلياتكم وفضلكم ومنه قولهم محاذاة الأسفل الأعلى أي السافل العالي .
وقال تعالى { وأنتم الأعلون } أي العالون ويجوز إضافة أفعل التفضيل إلى المفضل عليه فيشترط أن يكون المفضل بعض المفضل عليه فتقول زيد أفضل القوم والياقوت أفضل الحجارة ولا يجوز الياقوت أفضل الخزف لأنه ليس منه قالوا وعلى هذا فلا يقال يوسف أحسن إخوته لأن فيه إضافتين إحداهما إضافة أحسن إلى إخوته والثانية إضافة إخوته إلى ضمير يوسف وشرط أفعل هذا أن يكون بعض ما يضاف إليه ، وكونه بعض ما يضاف إليه يمنع من إضافة ما هو بعضه إلى ضميره لما فيه من إضافة الشيء نفسه ويقال زيد أفضل عبد بالإضافة وأفضل عبدا بالنصب على التمييز والمعنى على الإضافة أنه متصف بالعبودية مفضل على غيره من العبيد وعلى النصب ليس هو متصفا بالعبودية بل المتصف عبده والتفضيل لعبده على غيره من العبيد فالمنصوب بمنزلة الفاعل كأنه قيل زيد فضل عبده غيره من العبيد ومثله قولهم زيد أكرم أبا وأكثر قوما فالتفضيل باعتبار متعلقه كما يخبر عنه باعتبار متعلقه نحو قولهم زيد أبوه قائم .
وحكى معنى ثالثا فقال تقول البيهقي العرب زيد أفضل الناس وأكرم الناس أي من أفضل الناس ومن أكرم الناس وإذا كان أفعل التفضيل مصحوبا بمن فهو مفرد مذكر مطلقا لأنه مفتقر في إفادة في معناه وتمامه إلى من كافتقار الموصول إلى صلته والموصول بلفظ واحد مطلقا فكذلك ما أشبهه وإذا كان بالألف واللام فلا بد من المطابقة تقول زيد الأفضل وهند الفضلى وهما الأفضلان والفضليان وهم الأفضلون وهن الفضليات والفضل وإن كان مضافا إلى معرفة نحو أفضل القوم جاز أن يستعمل استعمال المصحوب بمن وجاز أن يستعمل استعمال المعرف باللام وقيل إن كانت من منوية معه فهو كما لو كانت موجودة في اللفظ وإن لم تكن منوية فالمطابقة ويجمع أفعل التفضيل مصححا نحو الأفضلون ويجيء أيضا على الأفاعل نحو [ ص: 711 ] الأفاضل فإن كان أفعل لغير التفضيل لم يجمع مصححا قال الفارابي أفعل وفعلاء إذا كانا نعتين جمعا على فعل نحو أحمر وحمراء وحمر وإذا كان أفعل اسما جمع على أفاعل نحو الأبطح والأباطح والأبرق والأبارق وإذا قيل زيد أفضل من القوم وزيد أفضل القوم فهما في التفضيل بمعنى لكنهما يفترقان من وجه آخر وهو أن المصحوب بمن منفصل من المفضل عليه والمضاف بعض المفضل عليه ولهذا لا يقال زيد أفضل الحجارة لأنه ليس منها ويقال زيد أفضل من الحجارة لأنه منفصل عنها وتمرة خير من جرادة والخير أفضل من الشر والبر أفضل من الشعير وأما من فمعناها ابتداء الغاية قال إذا قلت زيد أفضل من عمرو فمعناه أنه ابتدأ فضله في الزيادة من عمرو . المبرد
وقال بعضهم معناه يزيد فضله مترقيا من عند عمرو وهو معنى قول ويجوز في الشعر تقديم من ومعموله على المفضل عليه قال الشاعر المبرد
فقالت لنا أهلا وسهلا وزودت جنى النحل أو ما زودت منه أطيب
ولا عيب فيها غير أن قطوفها سريع وأن لا شيء منهن أطيب
وهذا ما وقع عليه الاختيار من اختصار المطول وكنت جمعت أصله من نحو سبعين مصنفا ما بين مطول ومختصر فمن ذلك التهذيب للأزهري وحيث أقول وفي نسخة من التهذيب فهي نسخة عليها خط الخطيب أبي زكريا التبريزي وكتابه على مختصر والمجمل المزني لابن فارس وكتاب متخير الألفاظ له وإصلاح المنطق وكتاب الألفاظ وكتاب المذكر والمؤنث وكتاب التوسعة له وكتاب المقصور والممدود لابن السكيت لأبي بكر بن الأنباري وكتاب المذكر والمؤنث له وكتاب المصادر لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري وكتاب النوادر له وأدب الكاتب وديوان الأدب [ ص: 712 ] لابن قتيبة للفارابي والصحاح والفصيح للجوهري لثعلب وكتاب المقصور والممدود وكتاب الأفعال لأبي إسحاق الزجاج وكتاب الأفعال لابن القوطية للسرقسطي وأفعال وأساس البلاغة ابن القطاع والمغرب للزمخشري للمطرزي والمعربات لابن الجواليقي وكتاب ما يلحن فيه العامة له وسفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين السخاوي ومن كتب سوى ذلك فمنه ما راجعت كثيرا منه لما أطلبه نحو غريب الحديث والنهاية لابن قتيبة وكتاب البارع لابن الأثير لأبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي المعروف بالقالي وغريب اللغة وكتاب مختصر العين لأبي عبيد القاسم بن سلام لأبي بكر محمد الزبيدي .
وكتاب المجرد لأبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الهنائي وكتاب الوحوش لأبي حاتم السجستاني وكتاب النخلة له ومنه ما التقطت منه قليلا من المسائل كالجمهرة والمحكم ومعالم التنزيل وكتاب للخطابي رواه عن لأبي عبيدة معمر بن المثنى والغريبين يونس بن حبيب لأبي عبيد أحمد بن محمد بن محمد الهروي وبعض أجزاء من مصنفات الحسن بن محمد الصغاني من العباب وغيره والروض الأنف للسهيلي وغير ذلك مما تراه في مواضعه ومن كتب التفسير والنحو ودواوين الأشعار عن الأئمة المشهورين المأخوذ بأقوالهم الموقوف عند نصوصهم وآرائهم مثل ابن الأعرابي وغيرهما وسميته غالبا في مواضعه حيث يبنى عليه حكم ونستغفر الله العظيم مما طغى به القلم أو زل به الفكر على أنه قد قيل ليس من الدخل أن يطغى قلم الإنسان فإنه لا يكاد يسلم منه أحد ولا سيما من أطنب قال وابن جني في المثل السائر ليس الفاضل من لا يغلط بل الفاضل من يعد غلطه ونسأل الله حسن العاقبة في الدنيا والآخرة وأن ينفع به طالبه والناظر فيه وأن يعاملنا بما هو أهله ابن الأثير بمحمد وآله الأطهار وأصحابه الأبرار وكان الفراغ من تعليقه على يد مؤلفه في العشر الأواخر من شعبان المبارك سنة أربع وثلاثين وسبعمائة هجرية .