المسألة الثالثة : كان يعقوب حزينا في الدرجة التي قد بيناها ، ولكن حزنه كان في قلبه جبلة ، ولم يكتسب لسانه قولا قلقا يخالف الشريعة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ابنه في صحيح الخبر : { إبراهيم لمحزونون } . وقال أيضا في الصحيح صلى الله عليه وسلم : { تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بك يا } . وهو تفضل منه ، سبحانه ، حين علم إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب [ ص: 75 ] وإنما يعذب بهذا وأشار إلى لسانه ، أو يرحم ، ولم يؤاخذهم به ، وخطم الفم بالزمام عن سوء الكلام ، فنهى عما نهى ، وأمر بالتسليم والرضا لنافذ القضاء ، وخاصة عند الصدمة الأولى . وأحسن الكلام في الشكوى سؤال المولى زوال البلوى ، وذلك قول عجز الخلق عن الصبر ; فأذن لهم في الدمع والحزن يعقوب : { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون } من جميل صنعه وغريب لطفه وعائدته على عباده .