المسألة الرابعة : فإن قيل : إن ، وهو قول جماعة منهم الحامل لا تحيض ; لأن تماسك الحيض علامة على شغل الرحم ، واسترساله علامة على براءة الرحم ; فمحال أن يجتمع مع الشغل ; لأنه ما كان يكون دليلا على البراءة لو اجتمعا ، ومعنى قوله : الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد : وما تغيض الأرحام في الدم والحيض في غير حال الحمل ، وما تزداد بعد غيضها من ذلك ، حتى يجتمع في الرحم . أبو حنيفة
فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن الدم علامة على براءة الرحم من حيث الظاهر لا من حيث القطع ; فجاز أن يجتمعا ، بخلاف وضع الحمل فإنه براءة للرحم قطعا ، فلا يجوز أن يجتمع مع الشغل . الثاني : أن قوله في تفسير ما تغيض الأرحام في غير حال الحمل وما تزداد بعد غيضها حتى يجتمع في الرحم . فإنا نقول : إن الآية عامة في كل غيض وازدياد وسيلان وتوقف ، وإذا سال الدم على عادته بصفته ما الذي يمنع من حكمه ؟ ولا جواب لهم عن هذا .