المستثنى العاشر : قوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن    } : حرم الله على المرأة عبدها    ; وكانت الحكمة في ذلك فيما سمعت من شيخنا فخر الإسلام   [ ص: 386 ] بمدينة السلام  تناقض الأحكام فإنها تملكه بالعبودية ، فلو ملكها بالزوجية لقال لها : اخرجي وأطيعي زوجك ، وقالت هي له : اسكت وأطع سيدتك . 
وقال أحدهما : أقم ، وقال الآخر : ارحل . وقال أحدهما : أنفق بالرق ، وقال الآخر : أنفق بالزوجية . فيعود الطالب مطلوبا والآخر مأمورا ، فحسم الله العلة بالمحرمية . 
وفيما يروى فيها قولان : أحدهما : أن العبد كالأجنبي . 
والثاني : أنه كذوي المحارم . وقد روى  ابن وهب  وابن القاسم  عن  مالك  دخل حديث بعضهم في بعض قال  مالك    : أكره أن يسافر الرجل بامرأة أبيه أو ابنه  ، ولله دره ، إنها ليست كأمه وابنته . قالا : قال  مالك    : وإذا كان بعض الجارية حرا فلا يجوز لمن يملك بقيتها أن ينظر إلى شيء منها غير شعرها ، كما ينظر غيره ، ولا بأس أن يدخل على زوجته ومعها المرأة إذا كانت عليها ثيابها . وإذا كان بعض الغلام حرا فلا يرى شعر من يملك بقيته ، وإن كان خصيا لا تملكه لم ينظر شعرها وصدرها . ولا بأس أن ينظر خصيان العبيد إلى شعور النساء ، فأما الأحرار فلا ، وذلك في الوغد منهم ، فأما من له المنظرة فلا . 
وقال  مالك    : يجوز للوغد أن يأكل مع سيدته  ، ولا يجوز ذلك لذي المنظرة . وقال في الخصي خادم الرجل في منزله ، يرى فخذه منكشفة    : إنه خفيف . وقال في جارية المرأة : لا ينبغي أن ترى فخذ زوجها ينكشف عنها    . قال الله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن    } ، فامرأته في هذا كغيرها . ونهى  عمر بن الخطاب  النساء أن يلبسن القباطي ، وقال : " إن كانت لا تشف فإنها تصف " . قال الفقيه القاضي أبو بكر  رحمه الله : يريد الخصور والأرداف . 
قال ابن القاسم    : سمعت  مالكا  يحدث أن عائشة  دخل عليها رجل أعمى ، وأنها  [ ص: 387 ] احتجبت منه ; فقيل لها يا أم المؤمنين ; إنه أعمى لا ينظر إليك . قالت : " ولكني أنظر إليه " . 
قال أشهب    : سئل  مالك  أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي ؟ وهل هو من غير أولي الإربة  ؟ فقال : نعم ، إذا كان مملوكا لها أو لغيرها ; فأما الحر فلا ، وإن كان فحلا كبيرا وغدا ، تملكه لا هيئة له ولا منظرة فلينظر إلى شعرها . قال الفقيه القاضي أبو بكر  رحمه الله كما قال  ابن عباس    : " لا بأس أن ينظر المملوك إلى مولاته " . قال أشهب    : قال  مالك    : ليس بواسع أن تدخل جارية الزوجة أو الولد على الرجل المرحاض ; قال الله : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم    } . وقال أشهب  عن  مالك    : ينظر الغلام الوغد إلى شعر سيدته  ولا أحبه لغلام الزوج . وأطلق علماؤنا المتأخرون القول بأن غلام المرأة في ذوي محارمها يحل منها ما يحل لذي المحرم . وهو صحيح في القياس . وقول  مالك  في الاحتياط أعجب إلي . فرع : 
قال علماؤنا رحمة الله عليهم : لا تسافر المرأة مع عبدها  وإن كان ذا محرم منها ; إذ يجوز أن يعتق في السفر فيحل لها تزوجه . وهذا عندي  ضعيف ; فإن عتقه بيدها ; فلا يتفق له ذلك حتى يكون بموضع يتأتى فيه ما ذكرنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					