[ ص: 391 ] المسألة الثانية : في وأنكحوا } فقيل : هم الأزواج . وقيل : هم الأولياء من قريب أو سيد . والصحيح أنهم الأولياء ; لأنه قال : أنكحوا . بالهمزة ، ولو أراد الأزواج لقال ذلك بغير همزة ، وكانت الألف للوصل ، وإن كان بالهمزة في الأزواج له وجه فالظاهر أولى ، فلا يعدل إلى غيره إلا بدليل . المسألة الثالثة : قوله : { المراد بالخطاب بقوله : { وأنكحوا } : لفظه بصيغة الأمر ، واختلف في وجوبه أو ندبه أو إباحته على ثلاثة أقوال : وقال علماؤنا : يختلف الحكم في ذلك باختلاف حال المرء من خوفه العنت ، وعدم صبره ، ومن قوته على الصبر ، وزوال خشية العنت عنه . وإذا خاف الهلاك في الدين أو الدنيا أو فيهما فالنكاح حتم .
وإن لم يخش شيئا وكانت الحال مطلقة ، فقال : النكاح مباح الشافعي
وقال أبو حنيفة : هو مستحب . ومالك
وتعلق بأنه قضاء لذة ، فكان مباحا كالأكل والشرب . الشافعي
وتعلق علماؤنا في ذلك بأحاديث كثيرة ، ولا فائدة في التعلق بغير الصحيح . وفي ذلك حديثان صحيحان : الأول : قال : { أنس بن مالك } . الثاني : قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروها كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا . وقال الآخر : أنا أصوم الدهر ، ولا أفطر . وقال الآخر : أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم [ ص: 392 ] لله ، وأتقاكم له ، ولكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ; من يرغب عن سنتي فليس مني عروة : سألت عائشة عن قوله : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء } إلى قوله : { ألا تعدلوا } . قالت : يا بن أختي ، هي اليتيمة تكون في حجر وليها ، فيرغب في مالها وجمالها ، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداقها ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن فيكملوا الصداق ، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء .