الآية السادسة والأربعون قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب } .
فيها إحدى عشرة مسألة : [ ص: 186 ] المسألة الأولى : في تعديد : وفي ذلك أربعة أقوال : أحدها : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة كله ; قاله أشهر الحج ، ابن عمر ، وقتادة ، وطاوس . ومالك
الثاني : وعشرة أيام من ذي الحجة ; قاله أيضا ، مالك . وأبو حنيفة
الثالث : وعشر ليال من ذي الحجة ، قاله ، ابن عباس . والشافعي
الرابع : إلى آخر أيام التشريق ; قاله أيضا . مالك
فمن قال : إنه ذو الحجة كله أخذ بظاهر الآية والتعديد للثلاثة .
ومن قال : إنه عشرة أيام قال : إن الطواف والرمي في العقبة ركنان يفعلان في اليوم العاشر .
ومن قال : عشر ليال قال : إن الحج يكمل بطلوع الفجر يوم النحر لصحة الوقوف بعرفة وهو الحج كله .
ومن قال : آخر أيام التشريق رأى أن الرمي من أفعال الحج وشعائره ، وبعض الشهر يسمى شهرا لغة .
المسألة الثانية : فائدة من جعله ذا الحجة كله أنه لم يكن عليه دم ; لأنه جاء به في أيام الحج . إذا أخر طواف الإفاضة إلى آخره
المسألة الثالثة : لا خلاف في أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة على التفصيل المتقدم .
أمران : أحدهما : أن الله تعالى وضعها كذلك في ملة والفائدة في ذكر الله تعالى لها وتنصيصه عليها إبراهيم عليه السلام واستمرت عليه الحال إلى أيام الجاهلية ، فبقيت كذلك حتى كانت العرب ترى أن العمرة فيها من [ ص: 187 ] أفجر الفجور ، ولكنها كانت تغيرها فتنسئها وتقدمها حتى عادت يوم حجة الوداع إلى حدها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المأثور المنتقى { } الحديث . : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا
الثاني : أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر التمتع ، وهو ضم العمرة إلى الحج في أشهر الحج بين أن أشهر الحج ليست جميع الشهور في العام ، وإنما هي المعلومات من لدن إبراهيم عليه السلام وبين قوله تعالى : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } .
أن جميعها ليس الحج تفصيلا لهذه الجملة تخصيصا لبعضها بذلك ، وهي شوال وذو القعدة وجميع ذي الحجة ، وهو اختيار رضي الله عنه ، وصحيح قول علمائنا ; فلا يكون متمتعا عمر ، وإنما يكون متمتعا من أتى بالعمرة في هذه الأشهر المخصوصة . من أحرم بالعمرة في أشهر العام