المسألة السابعة : قوله تعالى : { الحياة الدنيا وزينتها }
معناه إن كنتن تقصدن الحالة القريبة منكن ; فإن للإنسان حالتين : حالة هو فيها تسمى الدنيا ، وحالة لا بد أن يصير إليها وهي الأخرى ، وتقصدن التمتع بما فيها ، والتزين بمحاسنها ، سرحتكن لطلب ذلك ، كما قال تعالى : { من كان يريد حرث الآخرة نزد في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب } .
ولا بد للمرء من أن يكون على صفتين : إما أن يلتفت إلى هذه الحالة القريبة ، ويجمع لها ، وينظر فيها [ ومنها ] . وإما أن يلتفت إلى حالته الأخرى ، فإياها يقصد ، ولها يسعى ويطلب ; ولذلك اختار الله لرسوله الحالة الأخرى ، فقال له : { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى } يعني رزقه في الآخرة ; إذ المرء لا بد له أن يأتيه رزقه في الدنيا طلبه أو تركه فإنه طالب له طلب الأجل . وأما رزقه في الآخرة فلا يأتيه إلا ويطلبه ، فخير الله أزواج نبيه في هذا ليكون لهن المنزلة العليا ، كما كانت لزوجهن .
وهذا معنى ما روى عن أحمد بن حنبل أنه قال : { علي لم يخير رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 559 ] نساءه إلا بين الدنيا والآخرة } ، ولذلك قال الحسن : خيرهن بين الدنيا والآخرة ، وبين الجنة والنار .