nindex.php?page=treesubj&link=28976قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين [ ص: 75 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فبما نقضهم ميثاقهم أي : فبنقضهم ميثاقهم ، " ما " زائدة للتوكيد ، عن
قتادة وسائر أهل العلم ; وذلك أنها تؤكد الكلام بمعنى تمكنه في النفس من جهة حسن النظم ، ومن جهة تكثيره للتوكيد ; كما قال :
لشيء ما يسود من يسود
فالتأكيد بعلامة موضوعة كالتأكيد بالتكرير . لعناهم قال
ابن عباس : عذبناهم بالجزية . وقال
الحسن ومقاتل : بالمسخ .
عطاء : أبعدناهم ; واللعن الإبعاد والطرد من الرحمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وجعلنا قلوبهم قاسية أي : صلبة لا تعي خيرا ولا تفعله ; والقاسية والعاتية بمعنى واحد ، وقرأ
الكسائي وحمزة : " قسية " بتشديد الياء من غير ألف ; وهي قراءة
ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب ، والعام القسي الشديد الذي لا مطر فيه ، وقيل : هو من الدراهم القسيات أي : الفاسدة الرديئة ; فمعنى " قسية " على هذا ليست بخالصة الإيمان ، أي : فيها نفاق . قال
النحاس : وهذا قول حسن ; لأنه يقال : درهم قسي إذا كان مغشوشا بنحاس أو غيره . يقال : درهم قسي ( مخفف السين مشدد الياء ) مثال شقي أي : زائف ; ذكر ذلك
أبو عبيد وأنشد : ( الشاعر هو :
أبو زيد الطائي )
لها صواهل في صم السلام كما صاح القسيات في أيدي الصياريف
يصف وقع المساحي في الحجارة ، وقال
الأصمعي وأبو عبيد : درهم قسي كأنه معرب قاشي . قال
القشيري : وهذا بعيد ; لأنه ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب ، بل الدرهم القسي من القسوة والشدة أيضا ; لأن ما قلت نقرته يقسو ويصلب ، وقرأ
الأعمش : " قسية " بتخفيف الياء على وزن فعلة نحو عمية وشجية ; من قسى يقسي لا من قسا يقسو ، وقرأ الباقون على وزن فاعلة ; وهو اختيار
أبي عبيد ; وهما لغتان مثل العلية والعالية ، والزكية والزاكية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : أولى ما فيه أن تكون قسية بمعنى قاسية ، إلا أن فعيلة أبلغ من فاعلة . فالمعنى : جعلنا قلوبهم غليظة نابية عن الإيمان والتوفيق لطاعتي ; لأن القوم لم يوصفوا بشيء من الإيمان فتكون قلوبهم موصوفة بأن إيمانها خالطه كفر ، كالدراهم القسية التي خالطها غش . قال
الراجز :
قد قسوت وقست لداتي
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13يحرفون الكلم عن مواضعه أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويلقون ذلك إلى العوام ، وقيل : معناه يبدلون حروفه . و ( يحرفون ) في موضع نصب ، أي : جعلنا قلوبهم قاسية
[ ص: 76 ] محرفين ، وقرأ
السلمي والنخعي " الكلام " بالألف وذلك أنهم غيروا صفة
محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ونسوا حظا مما ذكروا به أي : نسوا عهد الله الذي أخذه الأنبياء عليهم من الإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبيان نعته .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ولا تزال تطلع أي : وأنت يا
محمد لا تزال الآن تقف
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13على خائنة منهم والخائنة الخيانة ; قال
قتادة ، وهذا جائز في اللغة ، ويكون مثل قولهم : قائلة بمعنى قيلولة ، وقيل : هو نعت لمحذوف والتقدير فرقة خائنة ، وقد تقع خائنة للواحد كما يقال : رجل نسابة وعلامة ; فخائنة على هذا للمبالغة ; يقال : رجل خائنة إذا بالغت في وصفه بالخيانة . قال الشاعر :
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن للغدر خائنة مغل الإصبع
قال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13على خائنة أي : معصية ، وقيل : كذب وفجور ، وكانت خيانتهم نقضهم العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومظاهرتهم المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ; كيوم الأحزاب وغير ذلك من همهم بقتله وسبه .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13إلا قليلا منهم لم يخونوا فهو استثناء من الهاء والميم اللتين في
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13خائنة منهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فاعف عنهم واصفح في معناه قولان : فاعف عنهم واصفح ما دام بينك وبينهم عهد وهم أهل الذمة ، والقول الآخر أنه منسوخ بآية السيف ، وقيل : بقوله عز وجل
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=58وإما تخافن من قوم خيانة .
nindex.php?page=treesubj&link=28976قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ ص: 75 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ أَيْ : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ، " مَا " زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ ، عَنْ
قَتَادَةَ وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; وَذَلِكَ أَنَّهَا تُؤَكِّدُ الْكَلَامَ بِمَعْنَى تُمَكِّنُهُ فِي النَّفْسِ مِنْ جِهَةِ حُسْنِ النَّظْمِ ، وَمِنْ جِهَةِ تَكْثِيرِهِ لِلتَّوْكِيدِ ; كَمَا قَالَ :
لِشَيْءٍ مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ
فَالتَّأْكِيدُ بِعَلَامَةٍ مَوْضُوعَةٍ كَالتَّأْكِيدِ بِالتَّكْرِيرِ . لَعَنَّاهُمْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : عَذَّبْنَاهُمْ بِالْجِزْيَةِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَمُقَاتِلٌ : بِالْمَسْخِ .
عَطَاءٌ : أَبْعَدْنَاهُمْ ; وَاللَّعْنُ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ مِنَ الرَّحْمَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً أَيْ : صُلْبَةً لَا تَعِي خَيْرًا وَلَا تَفْعَلُهُ ; وَالْقَاسِيَةُ وَالْعَاتِيَةُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ، وَقَرَأَ
الْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ : " قَسِيَّةً " بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ ; وَهِيَ قِرَاءَةُ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيِّ وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، وَالْعَامُ الْقَسِيُّ الشَّدِيدُ الَّذِي لَا مَطَرَ فِيهِ ، وَقِيلَ : هُوَ مِنَ الدَّرَاهِمِ الْقَسِيَّاتِ أَيِ : الْفَاسِدَةِ الرَّدِيئَةِ ; فَمَعْنَى " قَسِيَّةً " عَلَى هَذَا لَيْسَتْ بِخَالِصَةِ الْإِيمَانِ ، أَيْ : فِيهَا نِفَاقٌ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ : دِرْهَمٌ قَسِيٌّ إِذَا كَانَ مَغْشُوشًا بِنُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ . يُقَالُ : دِرْهَمٌ قَسِيٌّ ( مُخَفَّفُ السِّينِ مُشَدَّدُ الْيَاءِ ) مِثَالُ شَقِيٍّ أَيْ : زَائِفٍ ; ذَكَرَ ذَلِكَ
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَنْشَدَ : ( الشَّاعِرُ هُوَ :
أَبُو زَيْدٍ الطَّائِيُّ )
لَهَا صَوَاهِلُ فِي صُمِّ السِّلَامِ كَمَا صَاحَ الْقَسِيَّاتُ فِي أَيْدِي الصَّيَارِيفِ
يَصِفُ وَقْعَ الْمَسَاحِي فِي الْحِجَارَةِ ، وَقَالَ
الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ : دِرْهَمٌ قَسِيٌّ كَأَنَّهُ مُعَرَّبُ قَاشِي . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَهَذَا بَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ ، بَلِ الدِّرْهَمُ الْقَسِيُّ مِنَ الْقَسْوَةِ وَالشِّدَّةِ أَيْضًا ; لِأَنَّ مَا قَلَّتْ نَقْرَتُهُ يَقْسُو وَيَصْلُبُ ، وَقَرَأَ
الْأَعْمَشُ : " قَسِيَةٌ " بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى وَزْنٍ فَعِلَةٍ نَحْوَ عَمِيَةٍ وَشَجِيَةٍ ; مِنْ قَسَى يَقْسِي لَا مِنْ قَسَا يَقْسُو ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ عَلَى وَزْنِ فَاعِلَةٍ ; وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ ; وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ الْعَلِيَّةِ وَالْعَالِيَةِ ، وَالزَّكِيَّةِ وَالزَّاكِيَةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : أَوْلَى مَا فِيهِ أَنْ تَكُونَ قَسِيَّةً بِمَعْنَى قَاسِيَةٍ ، إِلَّا أَنَّ فَعِيلَةً أَبْلَغُ مِنْ فَاعِلَةٍ . فَالْمَعْنَى : جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ غَلِيظَةً نَابِيَةً عَنِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقِ لِطَاعَتِي ; لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يُوصَفُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْإِيمَانِ فَتَكُونُ قُلُوبُهُمْ مَوْصُوفَةً بِأَنَّ إِيمَانَهَا خَالَطَهُ كُفْرٌ ، كَالدَّرَاهِمِ الْقَسِيَّةِ الَّتِي خَالَطَهَا غِشٌّ . قَالَ
الرَّاجِزُ :
قَدْ قَسَوْتِ وَقَسَتْ لِدَاتِي
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ أَيْ : يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ ، وَيُلْقُونَ ذَلِكَ إِلَى الْعَوَامِّ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ يُبَدِّلُونَ حُرُوفَهُ . وَ ( يُحَرِّفُونَ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، أَيْ : جَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
[ ص: 76 ] مُحَرِّفِينَ ، وَقَرَأَ
السُّلَمِيُّ وَالنَّخَعِيُّ " الْكَلَامَ " بِالْأَلِفِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَيَّرُوا صِفَةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةَ الرَّجْمِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أَيْ : نَسُوا عَهْدَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَانِ نَعْتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ أَيْ : وَأَنْتَ يَا
مُحَمَّدُ لَا تَزَالُ الْآنَ تَقِفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ وَالْخَائِنَةُ الْخِيَانَةُ ; قَالَ
قَتَادَةُ ، وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ ، وَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ : قَائِلَةٌ بِمَعْنَى قَيْلُولَةٍ ، وَقِيلَ : هُوَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فِرْقَةٌ خَائِنَةٌ ، وَقَدْ تَقَعُ خَائِنَةٌ لِلْوَاحِدِ كَمَا يُقَالُ : رَجُلٌ نَسَّابَةٌ وَعَلَّامَةٌ ; فَخَائِنَةٌ عَلَى هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ ; يُقَالُ : رَجُلٌ خَائِنَةٌ إِذَا بَالَغْتَ فِي وَصْفِهِ بِالْخِيَانَةِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
حَدَّثْتُ نَفْسَكَ بِالْوَفَاءِ وَلَمْ تَكُنْ لِلْغَدْرِ خَائِنَةً مُغِلَّ الْإِصْبَعِ
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عَلَى خَائِنَةٍ أَيْ : مَعْصِيَةٍ ، وَقِيلَ : كَذِبٌ وَفُجُورٌ ، وَكَانَتْ خِيَانَتُهُمْ نَقْضَهُمُ الْعَهْدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُظَاهَرَتَهُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; كَيَوْمِ الْأَحْزَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَمِّهِمْ بِقَتْلِهِ وَسَبِّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ لَمْ يَخُونُوا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ اللَّتَيْنِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13خَائِنَةٍ مِنْهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ فِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ : فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ مَا دَامَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ وَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ ، وَقِيلَ : بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=58وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً .