قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68قل ياأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين [ ص: 181 ] فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قال
ابن عباس :
جاء جماعة من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ألست تقر أن التوراة حق من عند الله ؟ قال : بلى . فقالوا : فإنا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها ; فنزلت الآية ; أي : لستم على شيء من الدين حتى تعلموا بما في الكتابين من الإيمان
بمحمد عليه السلام ، والعمل بما يوجبه ذلك منهما ; وقال
أبو علي : ويجوز أن يكون ذلك قبل النسخ لهما .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا أي : يكفرون به فيزدادون كفرا على كفرهم ، والطغيان تجاوز الحد في الظلم والغلو فيه ، وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=25985الظلم منه صغيرة ومنه كبيرة ، فمن تجاوز منزلة الصغيرة فقد طغى ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=6كلا إن الإنسان ليطغى أي : يتجاوز الحد في الخروج عن الحق .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68فلا تأس على القوم الكافرين أي : لا تحزن عليهم . أسى يأسى أسى إذا حزن . قال :
وانحلبت عيناه من فرط الأسى
وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وليس بنهي عن الحزن ; لأنه لا يقدر عليه ولكنه تسلية ونهي عن التعرض للحزن . وقد مضى هذا المعنى في آخر ( آل عمران ) مستوفى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [ ص: 181 ] فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ :
جَاءَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : أَلَسْتَ تُقِرُّ أَنَّ التَّوْرَاةَ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : بَلَى . فَقَالُوا : فَإِنَّا نُؤْمِنُ بِهَا وَلَا نُؤْمِنُ بِمَا عَدَاهَا ; فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ; أَيْ : لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ حَتَّى تَعْلَمُوا بِمَا فِي الْكِتَابَيْنِ مِنَ الْإِيمَانِ
بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَالْعَمَلُ بِمَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ مِنْهُمَا ; وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّسْخِ لَهُمَا .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا أَيْ : يَكْفُرُونَ بِهِ فَيَزْدَادُونَ كُفْرًا عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَالطُّغْيَانُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي الظُّلْمِ وَالْغُلُوِّ فِيهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25985الظُّلْمَ مِنْهُ صَغِيرَةٌ وَمِنْهُ كَبِيرَةٌ ، فَمَنْ تَجَاوَزَ مَنْزِلَةَ الصَّغِيرَةِ فَقَدْ طَغَى ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=6كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَيْ : يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْحَقِّ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ أَيْ : لَا تَحْزَنُ عَلَيْهِمْ . أَسىَ يَأْسَى أَسًى إِذَا حَزِنَ . قَالَ :
وَانْحَلَبَتْ عَيْنَاهُ مِنْ فَرْطِ الْأَسَى
وَهَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ بِنَهْيٍ عَنِ الْحُزْنِ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ تَسْلِيَةٌ وَنَهْيٌ عَنِ التَّعَرُّضِ لِلْحُزْنِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي آخِرِ ( آلِ عِمْرَانَ ) مُسْتَوْفًى .