قوله تعالى : إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك هذا من صفة يوم [ ص: 279 ] القيامة كأنه قال : اذكر يوم يجمع الله الرسل وإذ يقول الله لعيسى كذا ; قاله المهدوي . و ( عيسى ) يجوز أن يكون في موضع رفع على أن يكون ابن مريم نداء ثانيا ، ويجوز أن يكون في موضع نصب ; لأنه نداء منصوب كما قال :
يا حكم بن المنذر بن الجارود
ولا يجوز الرفع في الثاني إذا كان مضافا إلا عند الطوال .قوله تعالى : اذكر نعمتي عليك إنما ذكر الله تعالى عيسى نعمته عليه وعلى والدته وإن كان لهما ذاكرا لأمرين : أحدهما : ليتلو على الأمم ما خصهما به من الكرامة ، وميزهما به من علو المنزلة . الثاني : ليؤكد به حجته ، ويرد به جاحده . ثم أخذ في تعديد نعمه فقال : إذ أيدتك يعني قويتك ; مأخوذ من الأيد وهو القوة ، وقد تقدم . روح القدس وجهان : أحدهما : أنها الروح الطاهرة التي خصه الله بها كما تقدم في قوله وفي وروح منه . الثاني : أنه جبريل عليه السلام وهو الأصح ، كما تقدم في " البقرة " . تكلم الناس يعني وتكلم الناس في المهد صبيا ، وفي الكهولة نبيا ، وقد تقدم ما في هذا في ( آل عمران ) فلا معنى لإعادته . كففت معناه دفعت وصرفت بني إسرائيل عنك حين هموا بقتلك إذ جئتهم بالبينات أي الدلالات والمعجزات ، وهي المذكورة في الآية . فقال الذين كفروا يعني الذين لم يؤمنوا بك وجحدوا نبوتك . إن هذا أي المعجزات إلا سحر مبين وقرأ حمزة " ساحر " أي : إن هذا الرجل إلا ساحر قوي على السحر . والكسائي