قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم أي : أذهب وانتزع . ووحد سمعكم لأنه مصدر يدل على الجمع . وختم أي : طبع . وقد تقدم في البقرة وجواب إن محذوف تقديره : فمن يأتيكم به ، وموضعه نصب ; لأنها في موضع الحال ، كقولك : اضربه إن خرج أي : خارجا . ثم قيل : المراد المعاني القائمة بهذه الجوارح ، وقد يذهب الله [ ص: 335 ] الجوارح والأعراض جميعا فلا يبقي شيئا ، قال الله تعالى : قوله تعالى : من قبل أن نطمس وجوها والآية احتجاج على الكفار . من إله غير الله يأتيكم به من رفع بالابتداء وخبرها إله و " غيره " صفة له ، وكذلك يأتيكم موضعه رفع بأنه صفة إله ومخرجها مخرج الاستفهام ، والجملة التي هي منها في موضع مفعولي رأيتم . ومعنى أرأيتم علمتم ; ووحد الضمير في به - وقد تقدم الذكر بالجمع - لأن المعنى أي : بالمأخوذ ، فالهاء راجعة إلى المذكور . وقيل : على السمع بالتصريح ; مثل قوله : والله ورسوله أحق أن يرضوه . ودخلت الأبصار والقلوب بدلالة التضمين . وقيل : من إله غير الله يأتيكم . بأحد هذه المذكورات . وقيل : على الهدى الذي تضمنه المعنى .
وقرأ عبد الرحمن الأعرج ( به انظر ) بضم الهاء على الأصل ; لأن الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول : جئت معه . قال النقاش : في هذه الآية دليل على لتقدمته هنا وفي غير آية ، وقد مضى هذا في أول " البقرة " مستوفى . وتصريف الآيات الإتيان بها من جهات ; من إعذار وإنذار وترغيب وترهيب ونحو ذلك . تفضيل السمع على البصر ثم هم يصدفون أي : يعرضون . عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة ; يقال : صدف عن الشيء إذا أعرض عنه صدفا وصدوفا فهو صادف . وصادفته مصادفة أي : لقيته عن إعراض عن جهته ; قال والسدي ابن الرقاع :
إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه وهن عن كل سوء يتقى صدف
والصدف في البعير أن يميل خفه من اليد أو الرجل إلى الجانب الوحشي ; فهم يصدفون أي : مائلون معرضون عن الحجج والدلالات .قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة قال قوله تعالى : الحسن : بغتة ليلا أو جهرة نهارا . وقيل : بغتة فجأة . وقال الكسائي : يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتا وبغتة إذا أتاهم فجأة . وقد تقدم ( هل يهلك إلا القوم الظالمون ) نظيره فهل يهلك إلا القوم الفاسقون أي : هل يهلك إلا أنتم لشرككم ، والظلم هنا بمعنى الشرك ، كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم