الأولى : قوله تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب أي جزاء له على الاحتجاج في الدين وبذل النفس فيه .
كلا هدينا أي كل واحد منهم مهتد . و " كلا " نصب ب " هدينا "
ونوحا نصب ب " هدينا " الثاني . ومن ذريته أي ذرية إبراهيم . وقيل : من ذرية نوح ; قاله الفراء واختاره الطبري وغير واحد من المفسرين كالقشيري وابن عطية وغيرهما . والأول قاله الزجاج ، واعترض بأنه عد من هذه الذرية يونس ولوط وما كانا من ذرية إبراهيم . وكان لوط ابن أخيه . وقيل : ابن أخته . وقال ابن عباس : هؤلاء الأنبياء جميعا مضافون إلى ذرية إبراهيم ، وإن كان فيهم من لم تلحقه ولادة من جهته من جهة أب ولا أم ; لأن لوطا ابن أخي إبراهيم . والعرب تجعل العم أبا كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنهم قالوا : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وإسماعيل عم يعقوب . وعد عيسى من ذرية إبراهيم وإنما هو ابن البنت . فأولاد فاطمة رضي الله عنها ذرية النبي صلى الله عليه وسلم . وبهذا تمسك من رأى أن ولد البنات يدخلون في اسم الولد وهي :
[ ص: 30 ] الثانية : قال أبو حنيفة : والشافعي ما تناسلوا . وكذلك من وقف وقفا على ولده وولد ولده أنه يدخل فيه ولد ولده وولد بناته . والقرابة عند إذا أوصى لقرابته يدخل فيه ولد البنات أبي حنيفة كل ذي رحم محرم . ويسقط عنده ابن العم والعمة وابن الخال والخالة ; لأنهم ليسوا بمحرمين . وقال : القرابة كل ذي رحم محرم وغيره . فلم يسقط عنده ابن العم ولا غيره . وقال الشافعي مالك : لا يدخل في ذلك ولد البنات . وقوله : لقرابتي وعقبي كقوله : لولدي وولد ولدي . يدخل في ذلك ولد البنين ومن يرجع إلى عصبة الأب وصلبه ، ولا يدخل في ذلك ولد البنات . وقد تقدم نحو هذا عن في " آل عمران " . والحجة لهما قوله سبحانه : الشافعي يوصيكم الله في أولادكم فلم يعقل المسلمون من ظاهر الآية إلا ولد الصلب وولد الابن خاصة . وقال تعالى : وللرسول ولذي القربى فأعطى عليه السلام القرابة منهم من أعمامه دون بني أخواله . فكذلك ولد البنات لا ينتمون إليه بالنسب ، ولا يلتقون معه في أب . قال ابن القصار : وحجة من أدخل البنات في الأقارب قوله عليه السلام للحسن بن علي . ولا نعلم أحدا يمتنع أن يقول في ولد البنات إنهم ولد لأبي أمهم . والمعنى يقتضي ذلك ; لأن الولد مشتق من التولد وهم متولدون عن أبي أمهم لا محالة ; والتولد من جهة الأم كالتولد من جهة الأب . وقد دل القرآن على ذلك ، قال الله تعالى : إن ابني هذا سيد ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله من الصالحين فجعل عيسى من ذريته وهو ابن ابنته .
الثالثة : قد تقدم في " النساء " بيان ما لا ينصرف من هذه الأسماء ولم ينصرف داود لأنه اسم أعجمي ، ولما كان على فاعول لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف . وإلياس أعجمي . قال الضحاك : كان إلياس من ولد إسماعيل . وذكر القتبي قال : كان من سبط يوشع بن نون . وقرأ الأعرج والحسن وقتادة " والياس " بوصل الألف . وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو وعاصم " واليسع " بلام مخففة . وقرأ الكوفيون إلا عاصما " والليسع " وكذا قرأ الكسائي ، ورد قراءة من قرأ واليسع قال : لأنه لا يقال اليفعل مثل اليحيى . قال النحاس : وهذا الرد لا يلزم ، والعرب تقول : اليعمل واليحمد ، ولو نكرت يحيى لقلت اليحيى . ورد أبو حاتم على من قرأ [ ص: 31 ] الليسع وقال : لا يوجد ليسع . وقال النحاس : وهذا الرد لا يلزم ، فقد جاء في كلام العرب حيدر وزينب ، والحق في هذا أنه اسم أعجمي ، والعجمة لا تؤخذ بالقياس إنما تؤخذ سماعا والعرب تغيرها كثيرا ، فلا ينكر أن يأتي الاسم بلغتين . قال مكي : من قرأ بلامين فأصل الاسم ليسع ، ثم دخلت الألف واللام للتعريف . ولو كان أصله يسع ما دخلته الألف واللام ; إذ لا يدخلان على يزيد ويشكر : اسمين لرجلين ; لأنهما معرفتان علمان . فأما ليسع نكرة فتدخله الألف واللام للتعريف ، والقراءة بلام واحدة أحب إلي ; لأن أكثر القراء عليه . وقال المهدوي : من قرأ اليسع بلام واحدة فالاسم يسع ، ودخلت الألف واللام زائدتين ، كزيادتهما في نحو الخمسة عشر ، وفي نحو قوله :
وجدنا يزيد بن الوليد مباركا شديدا بأعباء الخلافة كاهله
وقد زادوها في الفعل المضارع نحو قوله :فيستخرج اليربوع من نافقائه ومن بيته بالشيخة اليتقصع
ولوطا اسم أعجمي انصرف لخفته . وسيأتي اشتقاقه في الأعراف .