قوله تعالى وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم
[ ص: 144 ] وهو الذي جعلكم خلائف الأرض خلائف جمع خليفة ، ككرائم جمع كريمة . وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفة . أي جعلكم خلفا للأمم الماضية والقرون السالفة . قال قوله تعالى الشماخ : تصيبهم وتخطئني المنايا وأخلف في ربوع عن ربوع
ورفع بعضكم فوق بعض في الخلق والرزق والقوة والبسطة والفضل والعلم .
درجات نصب بإسقاط الخافض ، أي إلى درجات .
ليبلوكم في ما آتاكم نصب بلام كي . والابتلاء الاختبار ; أي ليظهر منكم ما يكون غايته الثواب والعقاب . ولم يزل بعلمه غنيا ; فابتلى الموسر بالغنى وطلب منه الشكر ، وابتلى المعسر بالفقر وطلب منه الصبر . ويقال : ليبلوكم أي بعضكم ببعض . كما قال : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة على ما يأتي بيانه . ثم خوفهم فقال : إن ربك سريع العقاب لمن عصاه .
وإنه لغفور رحيم لمن أطاعه . وقال : سريع العقاب مع وصفه سبحانه بالإمهال ، ومع أن عقاب النار في الآخرة ; لأن كل آت قريب ; فهو سريع على هذا . كما قال تعالى : وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب . وقال يرونه بعيدا ونراه قريبا . ويكون أيضا سريع العقاب لمن استحقه في دار الدنيا ; فيكون تحذيرا لمواقع الخطيئة على هذه الجهة . والله أعلم .
تمت سورة الأنعام بحمد الله تعالى وصلواته على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا