السادسة : واختلف العلماء ؟ فذهب الأكثر إلى أنه لا يسرع وإن خاف فوت الركعة لقوله عليه السلام : فيمن سمع الإقامة هل يسرع أو لا . رواه إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أخرجه أبو هريرة مسلم .
[ ص: 161 ] وعنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . وهذا نص . ومن جهة المعنى أنه إذا أسرع انبهر فشوش عليه دخوله في الصلاة وقراءتها وخشوعها . إذا ثوب بالصلاة فلا يسع إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار صل ما أدركت واقض ما سبقك
وذهب جماعة من السلف منهم ابن عمر على اختلاف عنه أنه إذا خاف فواتها أسرع . وقال وابن مسعود إسحاق : يسرع إذا خاف فوات الركعة ; وروي عن مالك نحوه ، وقال : لا بأس لمن كان على فرس أن يحرك الفرس ; وتأوله بعضهم على الفرق بين الماشي والراكب ; لأن الراكب لا يكاد أن ينبهر كما ينبهر الماشي .
قلت : واستعمال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حال أولى ، فيمشي كما جاء الحديث وعليه السكينة والوقار ; لأنه في صلاة ، ومحال أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم على خلاف ما أخبر ; فكما أن الداخل في الصلاة يلزم الوقار والسكون كذلك الماشي ، حتى يحصل له التشبه به فيحصل له ثوابه .
ومما يدل على صحة هذا ما ذكرناه من البينة ، وما خرجه الدارمي في مسنده قال : حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن المقبري عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كعب بن عجرة . فمنع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وهو صحيح مما هو أقل من الإسراع وجعله كالمصلي ; وهذه السنن تبين معنى قوله تعالى : إذا توضأت فعمدت إلى المسجد فلا تشبكن بين أصابعك ; فإنك في صلاة فاسعوا إلى ذكر الله وأنه ليس المراد به الاشتداد على الأقدام ، وإنما عنى العمل والفعل ; هكذا فسره مالك . وهو الصواب في ذلك والله أعلم .