[ ص: 288 ] قوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين
قوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره ، أي لست في شك ولكن غيرك شك . قال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد : سمعت الإمامين ثعلبا يقولان : معنى والمبرد فإن كنت في شك أي قل يا محمد للكافر
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك أي يا عابد الوثن إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود ، يعني وأمثاله ; لأن عبدة الأوثان كانوا يقرون عبد الله بن سلام لليهود أنهم أعلم منهم من أجل أنهم أصحاب كتاب ; فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يسألوا من يقرون بأنهم أعلم منهم ، هل يبعث الله برسول من بعد موسى . وقال القتبي : هذا خطاب لمن كان لا يقطع بتكذيب محمد ولا بتصديقه صلى الله عليه وسلم ، بل كان في شك . وقيل : المراد بالخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره ، والمعنى : لو كنت يلحقك الشك فيه فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك . وقيل : الشك ضيق الصدر ; أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر ، واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صبر الأنبياء من قبلك على أذى قومهم وكيف عاقبة أمرهم . في اللغة أصله الضيق ; يقال : شك الثوب أي ضمه بخلال حتى يصير كالوعاء . وكذلك السفرة تمد علائقها حتى تنقبض ; فالشك يقبض الصدر ويضمه حتى يضيق . وقال والشك : الفاء مع حروف الشرط لا توجب الفعل ولا تثبته ، والدليل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما نزلت هذه الآية : والله لا أشك الحسين بن الفضل
ثم استأنف الكلام فقال لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي الشاكين المرتابين .
ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين والخطاب في هاتين الآيتين للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره .