قوله تعالى : أولئك الذين خسروا أنفسهم ابتداء وخبر .
وضل عنهم ما كانوا يفترون أي ضاع عنهم افتراؤهم وتلف .
قوله تعالى لا جرم للعلماء فيها أقوال ; فقال الخليل : لا جرم بمعنى حق ، ف " لا " و " جرم " عندهما كلمة واحدة ، و " أن " عندهما في موضع رفع ; وهذا قول وسيبويه الفراء ; حكاه ومحمد بن يزيد النحاس . قال المهدوي : وعن الخليل أيضا أن معناها لا بد ولا محالة ، وهو قول الفراء أيضا ; ذكره الثعلبي . وقال الزجاج : " لا " هاهنا نفي وهو رد لقولهم : إن الأصنام تنفعهم ; كأن المعنى لا ينفعهم ذلك ، وجرم بمعنى كسب ; أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران ، وفاعل كسب مضمر ، و " أن " منصوبة ب " جرم " ، كما تقول كسب جفاؤك زيدا غضبه عليك ; وقال الشاعر :
نصبنا رأسه في جذع نخل بما جرمت يداه وما اعتدينا
أي بما كسبت . وقال الكسائي : معنى " لا جرم " لا صد ولا منع عن أنهم . وقيل : المعنى لا قطع قاطع ، فحذف الفاعل حين كثر استعماله ; والجرم القطع ; وقد جرم النخل واجترمه أي صرمه فهو جارم ، وقوم جرم وجرام وهذا زمن الجرام والجرام ، وجرمت صوف الشاة أي جززته ، وقد جرمت منه أي أخذت منه ; مثل جلمت الشيء جلما أي قطعت ، وجلمت الجزور أجلمها جلما إذا أخذت ما على عظامها من اللحم ، وأخذت الشيء بجلمته - ساكنة اللام - إذا أخذته أجمع ، وهذه جلمة الجزور - بالتحريك - أي لحمها أجمع ; قاله الجوهري . قال النحاس : وزعم الكسائي أن فيها أربع لغات : لا جرم ، ولا عن ذا جرم ; ولا أن ذا جرم ، قال : وناس من فزارة يقولون : لا جر أنهم بغير ميم . وحكى الفراء فيه لغتين أخريين قال : بنو عامر يقولون لا ذا جرم ، قال : وناس من العرب . يقولون : لا جرم بضم الجيم .