وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين
[ ص: 23 ] قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة تقدم في البقرة . إني خالق بشرا من صلصال من طين
فإذا سويته أي سويت خلقه وصورته .
ونفخت فيه من روحي النفخ إجراء الريح في الشيء . والروح جسم لطيف ، أجرى الله العادة بأن يخلق الحياة في البدن مع ذلك الجسم . وحقيقته إضافة خلق إلى خالق ; فالروح خلق من خلقه أضافه إلى نفسه تشريفا وتكريما ; كقوله : ( أرضي وسمائي وبيتي وناقة الله وشهر الله ) . ومثله وروح منه وقد تقدم في " النساء " مبينا . وذكرنا في كتاب ( التذكرة ) الأحاديث الواردة التي تدل على أن ، وأن النفس والروح اسمان لمسمى واحد . وسيأتي ذلك إن شاء الله . ومن قال إن الروح هو الحياة قال أراد : فإذا ركبت فيه الحياة . الروح جسم لطيف
فقعوا له ساجدين أي خروا له ساجدين . وهو سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة . ولله أن يفضل من يريد ; ففضل الأنبياء على الملائكة . وقد تقدم في " البقرة " هذا المعنى . وقال القفال : كانوا أفضل من آدم ، وامتحنهم بالسجود له تعريضا لهم للثواب الجزيل . وهو مذهب المعتزلة . وقيل : أمروا بالسجود لله عند آدم ، وكان آدم قبلة لهم .