الأولى : لا شك أن إبليس كان مأمورا بالسجود ; لقوله : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك وإنما منعه من ذلك الاستكبار والاستعظام ; كما تقدم في " البقرة " بيانه . ثم قيل : كان من الملائكة ; فهو استثناء من الجنس . وقال قوم : لم يكن من الملائكة ; فهو استثناء منقطع . وقد مضى في " البقرة " هذا كله مستوفى . وقال ابن عباس : الجان أبو الجن وليسوا شياطين . والشياطين ولد إبليس ; لا يموتون إلا مع إبليس . والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر . فآدم أبو الإنس . والجان أبو الجن . وإبليس أبو الشياطين ; ذكره . والذي تقدم في " البقرة " خلاف هذا ، فتأمله هناك . الماوردي
[ ص: 24 ] الثانية : صحيح عند الاستثناء من الجنس غير الجنس ، حتى لو الشافعي ، وما جانس ذلك كان مقبولا ، ولا يسقط عنه من المبلغ قيمة الثوب والحنطة . ويستوي في ذلك المكيلات والموزونات والمقدرات . وقال قال : لفلان علي دينار إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا قفيز حنطة مالك - رضي الله عنهما - : استثناء المكيل من الموزون والموزون من المكيل جائز ، حتى لو استثنى الدراهم من الحنطة والحنطة من الدراهم قبل . فأما إذا استثنى المقومات من المكيلات أو الموزونات ، والمكيلات من المقومات ، مثل أن وأبو حنيفة لا يصح الاستثناء ، ويلزم المقر جميع المبلغ . وقال يقول : علي عشرة دنانير إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا دينارا محمد بن الحسن : الاستثناء من غير الجنس لا يصح ، ويلزم المقر جملة ما أقر به . والدليل لقول أن لفظ الاستثناء يستعمل في الجنس وغير الجنس ; قال الله - تعالى - : الشافعي لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما فاستثنى السلام من جملة اللغو . ومثله فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس وإبليس من جملة الملائكة ; قال الله - تعالى - : إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه وقال الشاعر :
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فاستثنى اليعافير وهي ذكور الظباء ، والعيس وهي الجمال البيض من الأنيس ; ومثله قول النابغة :