معنى السورة في كلام العرب الإبانة لها من سورة أخرى وانفصالها عنها ، وسميت بذلك لأنه يرتفع فيها من منزلة إلى منزلة قال
النابغة : ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
أي " منزلة شرف ارتفعت إليها عن منزلة الملوك . وقيل : سميت بذلك لشرفها وارتفاعها كما يقال لما ارتفع من الأرض سور . وقيل : سميت بذلك لأن قارئها يشرف على ما لم يكن عنده كسور البناء ; كله بغير همز . وقيل : سميت بذلك ; لأنها قطعت من القرآن على حدة ، من قول العرب للبقية : سؤر ، وجاء في أسآر الناس أي بقاياهم ; فعلى هذا يكون الأصل سؤرة بالهمزة ثم خففت فأبدلت واوا لانضمام ما قبلها . وقيل : سميت بذلك لتمامها وكمالها من قول العرب للناقة التامة : سورة ، وجمع سورة سور بفتح الواو . وقال الشاعر :
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
ويجوز أن يجمع على سورات وسورات .
وأما الآية فهي العلامة ، بمعنى أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها من الذي بعدها وانفصاله ، أي هي بائنة من أختها ومنفردة . وتقول العرب : بيني وبين فلان آية ; أي علامة ، ومن ذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=248إن آية ملكه وقال
النابغة :
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
وقيل : سميت آية لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه ; كما يقال : خرج القوم بآياتهم أي بجماعتهم . قال
برج بن مسهر الطائي :
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآياتنا نزجي اللقاح المطافلا
وقيل : سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها . واختلف النحويون في أصل
[ ص: 69 ] آية ; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : أيية على فعلة مثل أكمة وشجرة ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها انقلبت ألفا فصارت آية بهمزة بعدها مدة . وقال
الكسائي : أصلها آيية على وزن فاعلة مثل آمنة فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . ثم حذفت لالتباسها بالجمع . وقال
الفراء : أصلها أيية بتشديد الياء الأولى فقلبت ألفا كراهة للتشديد فصارت آية وجمعها آي وآيات وآياء . وأنشد
أبو زيد :
لم يبق هذا الدهر من آيائه غير أثافيه وأرمدائه
وأما الكلمة فهي الصورة القائمة بجميع ما يختلط بها من الشبهات أي الحروف ، وأطول الكلم في كتاب الله عز وجل ما بلغ عشرة أحرف ، نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم [ النور : 55 ] . و
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أنلزمكموها [ هود : 28 ] وشبههما ; فأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22فأسقيناكموه [ الحجر : 22 ] فهو عشرة أحرف في الرسم وأحد عشر في اللفظ . وأقصرهن ما كان على حرفين نحو ما ، ولا ، ولك ، وله ، وما أشبه ذلك . ومن حروف المعاني ما هو على كلمة واحدة ، مثل همزة الاستفهام ، وواو العطف ، إلا أنه لا ينطق به مفردا . وقد تكون الكلمة وحدها آية تامة نحو قوله تعالى : والفجر والضحى والعصر وكذلك الم المص و طه و يس و حم في قول
الكوفيين ، وذلك في فواتح السور ، فأما في حشوهن فلا . قال
أبو عمرو الداني : ولا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله في الرحمن :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مدهامتان [ الرحمن : 64 ] لا غير . وقد أتت كلمتان متصلتان وهما آيتان ، وذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق على قول
الكوفيين لا غير . وقد تكون الكلمة في غير هذا : الآية التامة ، والكلام القائم بنفسه ، وإن كان أكثر أو أقل ، قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا [ الأعراف : 137 ] قيل : إنما يعني بالكلمة هاهنا قوله تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض [ القصص : 5 ] إلى آخر الآيتين ، وقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26وألزمهم كلمة التقوى [ الفتح : 26 ] . قال
مجاهد : لا إله إلا الله . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830049كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم . وقد تسمي العرب القصيدة بأسرها ، والقصة كلها ، كلمة فيقولون : قال
قس في كلمته كذا ، أي في خطبته ; وقال
زهير في كلمته كذا ، أي في قصيدته ; وقال فلان في كلمته يعني في رسالته ; فتسمى جملة الكلام كلمة إذ كانت الكلمة منها ، على عادتهم في تسميتهما الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره وكان بسبب منه ، مجازا واتساعا .
وأما الحرف فهو الشبهة القائمة وحدها من الكلمة ، وقد يسمى الحرف كلمة والكلمة حرفا على ما بيناه من الاتساع والمجاز . قال
أبو عمرو الداني : فإن قيل فكيف يسمى ما جاء من حروف الهجاء في الفواتح على حرف واحد نحو " ص " و " ق " و " ن " حرفا أو كلمة ؟ قلت : كلمة لا حرفا ، وذلك من جهة أن الحرف لا يسكت عليه ، ولا ينفرد وحده في الصورة ولا ينفصل مما يختلط به ; وهذه الحروف مسكوت عليها منفردة منفصلة كانفراد الكلم وانفصالها ، فلذلك سميت كلمات لا
[ ص: 70 ] حروفا . قال
أبو عمرو : وقد يكون الحرف في غير هذا : المذهب والوجه ، قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11ومن الناس من يعبد الله على حرف [ الحج : 11 ] أي على وجه ومذهب ، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830050أنزل القرآن على سبعة أحرف أي سبعة أوجه من اللغات ، والله أعلم .
مَعْنَى السُّورَةِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِبَانَةُ لَهَا مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى وَانْفِصَالِهَا عَنْهَا ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ فِيهَا مِنْ مَنْزِلَةٍ إِلَى مَنْزِلَةٍ قَالَ
النَّابِغَةُ : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
أَيْ " مَنْزِلَةَ شَرَفٍ ارْتَفَعْتَ إِلَيْهَا عَنْ مَنْزِلَةِ الْمُلُوكِ . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِشَرَفِهَا وَارْتِفَاعِهَا كَمَا يُقَالُ لِمَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ سُورٌ . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَارِئَهَا يَشْرُفُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كُسُورِ الْبِنَاءِ ; كُلُّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا قُطِعَتْ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى حِدَةٍ ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلْبَقِيَّةِ : سُؤْرٌ ، وَجَاءَ فِي أَسَآرِ النَّاسِ أَيْ بَقَايَاهُمْ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَصْلُ سُؤْرَةً بِالْهَمْزَةِ ثُمَّ خُفِّفَتْ فَأُبْدِلَتْ وَاوًا لِانْضِمَامِ مَا قَبْلَهَا . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَمَامِهَا وَكَمَالِهَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لِلنَّاقَةِ التَّامَّةِ : سُورَةٌ ، وَجَمْعُ سُورَةٍ سُوَرٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ عَلَى سُورَاتٍ وَسُوَرَاتٍ .
وَأَمَّا الْآيَةُ فَهِيَ الْعَلَامَةُ ، بِمَعْنَى أَنَّهَا عَلَامَةٌ لِانْقِطَاعِ الْكَلَامِ الَّذِي قَبِلَهَا مِنَ الَّذِي بَعْدَهَا وَانْفِصَالِهِ ، أَيْ هِيَ بَائِنَةٌ مِنْ أُخْتِهَا وَمُنْفَرِدَةٌ . وَتَقُولُ الْعَرَبُ : بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ آيَةٌ ; أَيْ عَلَامَةٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=248إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ وَقَالَ
النَّابِغَةُ :
تَوَهَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا لِسِتَّةِ أَعْوَامٍ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ آيَةٌ لِأَنَّهَا جَمَاعَةُ حُرُوفٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُ ; كَمَا يُقَالُ : خَرَجَ الْقَوْمُ بِآيَاتِهِمْ أَيْ بِجَمَاعَتِهِمْ . قَالَ
بُرْجُ بْنُ مُسْهِرٍ الطَّائِيُّ :
خَرَجْنَا مِنَ النَّقْبَيْنِ لَا حَيَّ مِثْلُنَا بِآيَاتِنَا نُزْجِي اللِّقَاحَ الْمَطَافِلَا
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ آيَةً لِأَنَّهَا عَجَبٌ يَعْجَزُ الْبَشَرُ عَنِ التَّكَلُّمِ بِمِثْلِهَا . وَاخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي أَصْلِ
[ ص: 69 ] آيَةٍ ; فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : أَيَيَةٌ عَلَى فَعَلَةٍ مِثْلَ أَكَمَةٍ وَشَجَرَةٍ ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا انْقَلَبَتْ أَلِفًا فَصَارَتْ آيَةً بِهَمْزَةٍ بَعْدَهَا مَدَّةٌ . وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ : أَصْلُهَا آيِيَةٌ عَلَى وَزْنِ فَاعِلَةٍ مِثْلَ آمِنَةٍ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا . ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِبَاسِهَا بِالْجَمْعِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : أَصْلُهَا أَيَّيْةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْأُولَى فَقُلِبَتْ أَلِفًا كَرَاهَةً لِلتَّشْدِيدِ فَصَارَتْ آيَةً وَجَمْعُهَا آيٌ وَآيَاتٌ وَآيَاءٌ . وَأَنْشَدَ
أَبُو زَيْدٍ :
لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ آيَائِهِ غَيْرَ أَثَافِيهِ وَأَرْمِدَائِهِ
وَأَمَّا الْكَلِمَةُ فَهِيَ الصُّورَةُ الْقَائِمَةُ بِجَمِيعِ مَا يَخْتَلِطُ بِهَا مِنَ الشُّبُهَاتِ أَيِ الْحُرُوفِ ، وَأَطْوَلُ الْكَلِمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَلَغَ عَشَرَةَ أَحْرُفٍ ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [ النُّورِ : 55 ] . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=28أَنُلْزِمُكُمُوهَا [ هُودٍ : 28 ] وَشَبَهِهِمَا ; فَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ [ الْحِجْرِ : 22 ] فَهُوَ عَشَرَةُ أَحْرُفٍ فِي الرَّسْمِ وَأَحَدَ عَشَرَ فِي اللَّفْظِ . وَأَقْصَرُهُنَّ مَا كَانَ عَلَى حَرْفَيْنِ نَحْوَ مَا ، وَلَا ، وَلَكَ ، وَلَهُ ، وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ . وَمِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي مَا هُوَ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، مِثْلُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَوَاوِ الْعَطْفِ ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِهِ مُفْرَدًا . وَقَدْ تَكُونُ الْكَلِمَةُ وَحْدَهَا آيَةً تَامَّةً نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَالْفَجْرِ وَالضُّحَى وَالْعَصْرِ وَكَذَلِكَ الم المص وَ طَهَ وَ يس وَ حم فِي قَوْلِ
الْكُوفِيِّينَ ، وَذَلِكَ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ ، فَأَمَّا فِي حَشْوِهِنَّ فَلَا . قَالَ
أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ : وَلَا أَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ وَحْدَهَا آيَةٌ إِلَّا قَوْلَهُ فِي الرَّحْمَنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مُدْهَامَّتَانِ [ الرَّحْمَنِ : 64 ] لَا غَيْرَ . وَقَدْ أَتَتْ كَلِمَتَانِ مُتَّصِلَتَانِ وَهُمَا آيَتَانِ ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم عسق عَلَى قَوْلِ
الْكُوفِيِّينَ لَا غَيْرَ . وَقَدْ تَكُونُ الْكَلِمَةُ فِي غَيْرِ هَذَا : الْآيَةَ التَّامَّةَ ، وَالْكَلَامُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا [ الْأَعْرَافِ : 137 ] قِيلَ : إِنَّمَا يَعْنِي بِالْكَلِمَةِ هَاهُنَا قَوْلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ [ الْقَصَصِ : 5 ] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى [ الْفَتْحِ : 26 ] . قَالَ
مُجَاهِدٌ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830049كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ . وَقَدْ تُسَمِّي الْعَرَبُ الْقَصِيدَةَ بِأَسْرِهَا ، وَالْقِصَّةَ كُلَّهَا ، كَلِمَةً فَيَقُولُونَ : قَالَ
قُسٌّ فِي كَلِمَتِهِ كَذَا ، أَيْ فِي خُطْبَتِهِ ; وَقَالَ
زُهَيْرٌ فِي كَلِمَتِهِ كَذَا ، أَيْ فِي قَصِيدَتِهِ ; وَقَالَ فَلَانٌ فِي كَلِمَتِهِ يَعْنِي فِي رِسَالَتِهِ ; فَتُسَمَّى جُمْلَةَ الْكَلَامِ كَلِمَةً إِذْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ مِنْهَا ، عَلَى عَادَتِهِمْ فِي تَسْمِيَتِهِمَا الشَّيْءُ بِاسْمِ مَا هُوَ مِنْهُ وَمَا قَارَبَهُ وَجَاوَرَهُ وَكَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ ، مَجَازًا وَاتِّسَاعًا .
وَأَمَّا الْحَرْفُ فَهُوَ الشُّبْهَةُ الْقَائِمَةُ وَحْدَهَا مِنَ الْكَلِمَةِ ، وَقَدْ يُسَمَّى الْحَرْفُ كَلِمَةَ وَالْكَلِمَةُ حَرْفًا عَلَى مَا بَيَّنَاهُ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالْمَجَازِ . قَالَ
أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ : فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ يُسَمِّى مَا جَاءَ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ فِي الْفَوَاتِحِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ نَحْوَ " ص " وَ " ق " وَ " ن " حَرْفًا أَوْ كَلِمَةً ؟ قُلْتُ : كَلِمَةٌ لَا حَرْفًا ، وَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَرْفَ لَا يُسْكَتُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَنْفَرِدُ وَحْدَهُ فِي الصُّورَةِ وَلَا يَنْفَصِلُ مِمَّا يَخْتَلِطُ بِهِ ; وَهَذِهِ الْحُرُوفُ مَسْكُوتٌ عَلَيْهَا مُنْفَرِدَةٌ مُنْفَصِلَةٌ كَانْفِرَادِ الْكَلِمِ وَانْفِصَالِهَا ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ كَلِمَاتٌ لَا
[ ص: 70 ] حُرُوفًا . قَالَ
أَبُو عَمْرٍو : وَقَدْ يَكُونُ الْحَرْفُ فِي غَيْرِ هَذَا : الْمَذْهَبَ وَالْوَجْهَ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ [ الْحَجِّ : 11 ] أَيْ عَلَى وَجْهٍ وَمَذْهَبٍ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830050أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ أَيْ سَبْعَةِ أَوْجَهٍ مِنَ اللُّغَاتِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .