قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر أي بالذي تؤمر به ، أي بلغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم ، فقد أمرك الله بذلك . والصدع : الشق . وتصدع القوم أي تفرقوا ; ومنه nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يومئذ يصدعون أي يتفرقون . وصدعته فانصدع أي انشق . أصل الصدع الفرق والشق . قال أبو ذؤيب يصف الحمار وأتنه :

[ ص: 57 ]

وكأنهن ربابة وكأنه يسر يفيض على القداح ويصدع

أي يفرق ويشق . فقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94اصدع بما تؤمر قال الفراء : أراد فاصدع بالأمر ، أي أظهر دينك ، ف " ما " مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر . وقال ابن الأعرابي : معنى اصدع بما تؤمر ، أي اقصد . وقيل : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرقون بأن يجيب البعض ; فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار .

قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94وأعرض عن المشركين أي عن الاهتمام باستهزائهم وعن المبالاة بقولهم ، فقد برأك الله عما يقولون . وقال ابن عباس : ( هو منسوخ بقوله nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين ) . وقال عبد الله بن عبيد : ما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا حتى نزل قوله - تعالى - : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر فخرج هو وأصحابه . وقال مجاهد : أراد الجهر بالقرآن في الصلاة . nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94وأعرض عن المشركين لا تبال بهم .

nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إنا كفيناك المستهزئين قال ابن إسحاق : nindex.php?page=hadith&LINKID=839532لما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاستهزاء أنزل الله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون . والمعنى : اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله ; فإن الله كافيك من أذاك كما كفاك المستهزئين ، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة ، وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة . والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن الطلاطلة ، أهلكهم الله جميعا ، قبل يوم بدر في يوم واحد ; لاستهزائهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وسبب هلاكهم فيما ذكر ابن إسحاق : أن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يطوفون بالبيت ، فقام وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ووجعت عينه ، فجعل يضرب برأسه الجدار . ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه حبنا . ( يقال : حبن ( بالكسر ) ) حبنا وحبن للمفعول عظم بطنه بالماء الأصفر ، فهو أحبن ، والمرأة حبناء ; قاله في الصحاح ) . ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله ، وكان أصابه قبل ذلك بسنين ، وهو يجر سبله ، وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء ، فانتقض به فقتله . ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله ، فمرج على حمار له يريد الطائف ، فربض به على شبرقة فدخلت [ ص: 58 ] في أخمص رجله شوكة فقتلته . ومر به الحارث بن الطلاطلة ، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله . وقد ذكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا . وقيل : إنهم المراد بقوله - تعالى - : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم شبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم ; على ما يأتي .

قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ أَيْ بِالَّذِي تُؤْمَرُ بِهِ ، أَيْ بَلِّغْ رِسَالَةَ اللَّهِ جَمِيعَ الْخَلْقِ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ، فَقَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ بِذَلِكَ . وَالصَّدْعُ : الشَّقُّ . وَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ أَيْ تَفَرَّقُوا ; وَمِنْهُ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=43يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ أَيْ يَتَفَرَّقُونَ . وَصَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ أَيِ انْشَقَّ . أَصْلُ الصَّدْعِ الْفَرْقُ وَالشَّقُّ . قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الْحِمَارَ وَأُتُنَهُ :

[ ص: 57 ]

وَكَأَنَّهُنَّ رِبَابَةٌ وَكَأَنَّهُ يَسَرٌ يُفِيضُ عَلَى الْقِدَاحِ وَيَصْدَعُ

أَيْ يُفَرَّقُ وَيُشَقُّ . فَقَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94اصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ قَالَ الْفَرَّاءُ : أَرَادَ فَاصْدَعْ بِالْأَمْرِ ، أَيْ أَظْهِرْ دِينَكَ ، فَ " مَا " مَعَ الْفِعْلِ عَلَى هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَصْدَرِ . وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : مَعْنَى اصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ، أَيِ اقْصِدْ . وَقِيلَ : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ أَيْ فَرِّقْ جَمْعَهُمْ وَكَلِمَتَهُمْ بِأَنْ تَدْعُوَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ فَإِنَّهُمْ يَتَفَرَّقُونَ بِأَنْ يُجِيبَ الْبَعْضُ ; فَيَرْجِعُ الصَّدْعُ عَلَى هَذَا إِلَى صَدْعِ جَمَاعَةِ الْكُفَّارِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَيْ عَنْ الِاهْتِمَامِ بِاسْتِهْزَائِهِمْ وَعَنِ الْمُبَالَاةِ بِقَوْلِهِمْ ، فَقَدْ بَرَّأَكَ اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( هُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ : مَا زَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَخْفِيًا حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ فَخَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ : أَرَادَ الْجَهْرَ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ . nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ لَا تُبَالِ بِهِمْ .

nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : nindex.php?page=hadith&LINKID=839532لَمَّا تَمَادَوْا فِي الشَّرِّ وَأَكْثَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاسْتِهْزَاءَ أَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . وَالْمَعْنَى : اصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَلَا تَخَفْ غَيْرَ اللَّهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ مِنْ أَذَاكَ كَمَا كَفَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ، وَكَانُوا خَمْسَةً مِنْ رُؤَسَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ رَأْسُهُمْ ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ أَبُو زَمْعَةَ . وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ ، وَالْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ ، أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ، قَبْلَ يَوْمِ بَدْرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ; لِاسْتِهْزَائِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَسَبَبُ هَلَاكِهِمْ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ : أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ ، فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ فَعَمِيَ وَوُجِعَتْ عَيْنُهُ ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِرَأْسِهِ الْجِدَارَ . وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ فَاسْتَسْقَى بَطْنَهُ فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنًا . ( يُقَالُ : حَبِنَ ( بِالْكَسْرِ ) ) حَبَنًا وَحُبِنَ لِلْمَفْعُولِ عَظُمَ بَطْنُهُ بِالْمَاءِ الْأَصْفَرِ ، فَهُوَ أَحْبَنُ ، وَالْمَرْأَةُ حَبْنَاءُ ; قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ ) . وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَأَشَارَ إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ ، وَكَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسِنِينَ ، وَهُوَ يَجُرُّ سَبَلَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بِإِزَارِهِ فَخَدَشَ فِي رِجْلِهِ ذَلِكَ الْخَدْشَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، فَانْتَقَضَ بِهِ فَقَتَلَهُ . وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَصِ رِجْلِهِ ، فَمَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ ، فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شِبْرِقَةٍ فَدَخَلَتْ [ ص: 58 ] فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ . وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ ، فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ فَامْتَخَطَ قَيْحًا فَقَتَلَهُ . وَقَدْ ذُكِرَ فِي سَبَبِ مَوْتِهِمُ اخْتِلَافٌ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا . وَقِيلَ : إِنَّهُمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ شَبَّهَ مَا أَصَابَهُمْ فِي مَوْتِهِمْ بِالسَّقْفِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِمْ ; عَلَى مَا يَأْتِي .